قلب يعشق المستحيل وعقل يرفض الواقع

بقلمي /جمال القاضي
خلق الله الإنسان وكتب عليه البقاء لفترة من العمر قد تطول أو تقصر ولكنه حتما سوف ينتهي بالموت .
كما خلق له الجوارح والعقل ليدبر له كيف يفكر ويعيش .
رحلة من الحياة يحب فيها ويكره يتعلق وينسى .
لكن هناك تساؤلات تدور بالأذهان كثيرة نقف عندها حائرين في إيجاد إجابات تقنعنا على هذه التساؤلات ومنها على سبيل المثال :
لماذا يرفض الإنسان فكرة الرحيل لمن نفقده موتا؟
لماذا نحب أشخاصا يشبهون من فقدناهم بالشكل أو الصوت أو حتى طريقتهم أو أسلوب تعاملهم ؟
وهل للقلب عقل يفكر به كما يفكر عقل المخ ؟
وإن كان فأيهما أكثر صوابا وعقلانية عقل القلب أم العقل الذي يوجد بمخ الإنسان ؟
متى يختلف العقل مع القلب ومتى يتصالحان ؟
نقف قليلا محاولين إيجاد إجابات على هذه التساؤلات ليس جميعها ولكن بعضها .
فأما للقلب عقل نعم ففي القلب عقل يفكر به فحين ذكر الله للإنسان بعض أياته ونعمه التي انعم عليه بها قال بنهاية الآيات بقوله تعالى ( أَفَلَمْ يَسِيرُواْ فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَآ أَوْ ءَاذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِى الْصُّدُورِ ) ايه (٤٦)سورة الحج
ولكن أيهما أكثر عقلانية وتتدبرا عقل المخ إم عقل القلب ؟
فما يخص الحب والكره فإن القلب أقوى تفكيرا وعقلانية وإنه على صواب في معظم المواقف أكثر من عقل المخ .
أما الحالات التي يتصالح فيها القلب مع المخ فهي في إختيار من نستمر في أن نحبه أو من نكرهه فنبتعد عنه فعقل المخ يرفض إحيانا مايختاره القلب ولكن القلب يقنع عقل المخ حتى يصلان سويا إلى نقطة إتفاق فيما بينهما يتلاقا فيها معا إلى حل وسط يرضي كلا الطرفين يجتمعان فيها على الموافقة للاستمرار وذلك في حالة حب الإنسان لغيره .
أما في حالة الفقدان فنجد فيما بينهما صراع عنيف فرحيل من نحب شيء يرفضه القلب بعقله ظنا بأن من أحبه لا يموت أويرحل عنه ابدا فهنا تظهر عقلانية الفكر بمخ الإنسان وأنه وجب عليه التدخل فورا حتى لاينهار عقل القلب .
ولكي يستمر القلب في التعايش يوهم مخ الإنسان القلب برسائل خفية سرية ينقلها إليه بأن من رحل عنه هو في رحلة سفر طويلة وان غدا سوف يراه ويقابله وغدا هذا ليس لم ينقل للقلب بالرسالة التي أرسلها إليه بتحديد متى هذا الموعد حتى لايصدمه الواقع .
ولايكتفي بذلك بل أنه يلفت نظر القلب ليذهب باحثا عن أشخاص ربما يتشابهون مع من كان يحبهم شكلا أو أسلوبا أو طريقتهم بالحديث أو نفس الحركات فينقل الحب وينسحب إليهم جملة دون شعور وهنا يتصالحان لإستمرار الحياة والبقاء فالقلب يعشق المستحيل وهو رحيل من نحب والعقل يرفض الواقع وهو رجوع من رحل .