أخبار مصر

تعرف على حكم المحكمة على ممرض قام بتصوير المرضى النفسيين بالمستشفى.

 

كتب.. حماده مبارك

في حكم تاريخي لأول مرة يتعرض القضاء المصري لحقوق المرضى النفسيين بمستشفيات أمراض الصحة النفسية، مع التأكيد على الجانب الروحي والإنساني، وقضت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار عادل بريك نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية المستشارين سيد سلطان والدكتور محمد عبد الوهاب خفاجي نبيل عطا الله وشعبان عبد العزيز نواب رئيس مجلس الدولة بمجازاة ممرض بمستشفى الصحة النفسية ببنها بتأجيل الترقية عند استحقاقها لمدة سنتين، لقيامه بتصوير المرضى النفسيين بكاميرا الهاتف المحمول خاصته، أثناء النوبتجية، لواقعة ضرب بعض المرضى بقسم 4 رجال بمستشفى الصحة النفسية ببنها بمحافظة القليوبية ،ما ترتب عليه إصابة المرضى ببعض الكدمات بالوجه، وإذاعة الفيديو عبر يوتيوب وفيس بوك وقيامه بمساومة زملائه الممرضين بالمستشفى للتوقيع على إيصال أمانة على بياض مقابل التستر على واقعة تصويره هؤلاء المرضى.

وأكدت المحكمة أن للمريض النفسي حقوقًا أهمها عدم إفشاء معلومات ملفه الطبي، ووضعت المحكمة عدة مبادئ لحماية الصحة النفسية مؤكدة أن العلاج النفسي هدفه علاج المريض وإعادته للمجتمع ليعيش حياة منتجة، وليس إقصاءه وعزله في المنشآت النفسية لمدد طويلة، وأن مصر من أولى الدول في تقنين رعاية الصحة النفسية منذ عام 1944 قبل أن يضعها المجتمع الدولي في مقدمة اهتماماته، وأن اتجاه المشرع المصري عام 2009 يتوافق مع أحكام القانون الدولي الإنساني في حماية حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية ومنع التمييز ضدهم.

كما أكدت أنه يجب على القائمين بالمصحات النفسية مراعاة وثيقة الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية الصادرة عام ١٩٩١ وأن الخروج عليها مخالفة مهنية ووظيفية، وأن النموذج العلاجي للاضطرابات النفسية يجب أن يتحول من العزل في المصحات النفسية ومؤسسات الإيواء المغلقة إلى الرعاية المفتوحة وإعادة الاندماج في المجتمع، وأن للمريض النفسي حقوقا متعددة ولمن يخالفها غرامة لا تزيد على عشرة آلاف جنيه، وأن تصوير المرضى النفسيين بوسائل الإعلام إخلال جسيم بواجبات الوظيفة وهم الفئة الأولى بالرعاية والحماية.

قالت المحكمة إن المشرع المصري اعتنى برعاية المريض النفسي ووفر له الرعاية الصحة النفسية الكاملة لما يعانيه المريض النفسي: الشخص الذي يعاني من اضطراب نفسي (عُصابي) أو عقلي (ذُهاني) وذلك بالمنشآت الصحة النفسية المحددة قانونا وهي المستشفيات المتخصصة في الطب النفسي سواء كانت عامة أو خاصة، وأقسام الطب النفسي بالمنشآت العامة والخاصة، والمراكز الطبية المرخص لها بالعمل في مجال الصحة النفسية.

وقرر المشرع للمريض النفسي حقوقًا عدة على قمتها أن يتلقى العناية الواجبة في بيئة آمنة ونظيفة، والإحاطة علمًا باسم ووظيفة كل أفراد الفريق العلاجي الذي يرعاه بالمنشأة وتلقي المعلومات الكاملة عن التشخيص الذي أعطي لحالته وعن الخطة العلاجية المقترحة وعن احتمال تطورات حالته، وكذلك حماية سرية المعلومات التي تتعلق به وبملفه الطبي وعدم إفشاء تلك المعلومات لغير الأغراض العلاجية إلا في حالات محددة كطلب المعلومات من جهة قضائية ووجود احتمال قوي بحدوث ضرر خطير أو إصابة وخيمة للمريض أو الآخرين وحالات الاعتداء على الأطفال أو الشك في وجود اعتداء، وحماية خصوصياته ومتعلقاته الشخصية ومكان إقامته بالمنشأة وحمايته من الاستغلال الاقتصادي والجنسي ومن الإيذاء الجسدي والنفسي والمعاملة المهينة، لذا ناط المشرع بالمجلس القومي للصحة النفسية تكوين لجنة فنية من الأطباء المتخصصين يكون لها الحق في الاطلاع على سجلات المرضى، كما رصد المشرع جزاءً جنائيا لمن يخالف إحدى هذ الحقوق بأن رصد عقوبة الغرامة التي لا تزيد على عشرة آلاف جنيه.

وذكرت المحكمة أن الثابت من الأوراق أنه فيما ورد ببلاغ الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان لواقعة ضرب بعض المرضى بقسم 4 رجال بمستشفى الصحة النفسية ببنها بمحافظة القليوبية، ما ترتب عليه إصابة المرضى ببعض الكدمات بالوجه، وقيام الطاعن بتصوير المرضى بكاميرا الهاتف المحمول خاصته أثناء النوبتجية وإذاعة ذلك الفيديو بوسائل الإعلام على يوتيوب وببعض المواقع الإلكترونية لبعض الصحف وفيس بوك، كما أنه قام بمساومة اثنين من زملائه الممرضين للتوقيع على إيصال أمانة على بياض مقابل التستر على واقعة تصويره المرضى، وهذا المسلك من جانبه يعد إخلالا جسيما بواجبات وظيفته وخروجًا منه ما عهد إليه مع المرضى النفسيين وهم الأولى بالرعاية والحماية مما يستوجب مؤاخذته عليهما ومجازاته تأديبيًا.

وأشارت المحكمة إلى أنها تسجل في حكمها أن مصر من أولى الدول التي حرصت على توفير الرعاية والحماية في مجال الصحة النفسية منذ عام 1944 بالقانون رقم ١٤١ لسنة ١٩٤٤ بشأن حجز المصابين بأمراض عقلية قبل أن يضعها المجتمع الدولي في مقدمة اهتماماته، ثم حرص المشرع المصري على إصدار القانون رقم 71 لسنة 2009 بشأن رعاية المريض النفسي، وهو ما يتوافق مع أحكام القانون الدولي لحقوق الإنسان لكفالة أفضل رعاية من الصحة النفسية، وحماية حقوق الأشخاص المصابين باضطرابات نفسية ومنع التمييز ضدهم. وكما جاء في المذكرة الإيضاحية لمشروع القانون أن “مفهوم العلاج النفسي تغير ليصبح هدفه الأساسي علاج المريض وإعادته للمجتمع ليعيش حياة منتجة، وليس إقصائه وعزله في المنشآت النفسية لمدد طويلة”، وهكذا فإن محصلة الاعتراف بالحقوق الإنسانية للمرضى النفسيين، وتزايد الأدلة على فشل نظام المصحات النفسية إلى جانب الاكتشافات العلمية والتقنيات الحديثة، أن حدث تحول جذري في النموذج العلاجي للاضطرابات النفسية من العزل في المصحات النفسية ومؤسسات الإيواء المغلقة إلى الرعاية المفتوحة وإعادة الاندماج في المجتمع. وهو ما يتوجب على كافة العاملين بالمستشفيات النفسية مراعاة حقوق المرضى النفسيين وعدم اختراقها كما كشف عنه الطعن الماثل.

واختتمت المحكمة أن ما ذهبت إليه تأكد في العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر عام ١٩٦٦ والذي ينص على “حق جميع الأفراد في أفضل مستوى يمكن بلوغه من الصحة الجسدية والنفسية”، وتكللت تلك الجهود بإصدار وثيقة دولية بعنوان “مبادئ الأمم المتحدة لحماية المصابين بعلل نفسية وتحسين الرعاية الصحية النفسية عام ١٩٩١” الذي صدر بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 119/46 بتاريخ أول ديسمبر 1991 وتعد مبادئ عام ١٩٩١ المكونة من خمس وعشرين مادة وثيقة بالغة الأهمية، تضمنت المعايير التفصيلية كحد أدنى فيما يتعلق بحق الأفراد ذوي الاضطرابات أو الإعاقات النفسية في الرعاية الصحية.

واشتملت على مجموعة واسعة من الالتزامات المتصلة بمعايير العلاج والرعاية التي يتعين على القائمين بالمصحات النفسية مراعاتها والعمل بها ويعد الخروج عليها مخالفة مهنية ووظيفية

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock