دين ودنيا

الدكروري يكتب عن ألا وإن في الجسد مضغة

الدكروري يكتب عن ألا وإن في الجسد مضغة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن اللسان هو محرك الجوارح فإذا استقام، إستقام سائر الجسد، وإن القلب هو المضغة الرئيسية في الجسم التي بها الصلاح أوالفساد، ويقول النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم ” ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب” ويقول عليه الصلاة والسلام ” لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه ” واعلموا أن صاحب القلب الحي يغدو ويروح، ويمسي ويصبح وفي أعماقه حس ومحاسبة لدقات قلبه، وبصر عينه، وسماع أذنه، وحركة يده، وسير قدمه، إحساس بأن الليل يدبر، والصبح يتنفس، والكون في أفلاكه يسبح بقدرة العليم وتدبير الحكيم، وإياكم من موت القلب فإن القلب الميت الهوى إمامه، والشهوة قائده، والغفلة مركبه، لا يستجيب لناصح، يتبع كل شيطان مريد، والدنيا تسخطه وترضيه.

والهوى يصمه ويعميه وماتت قلوبهم ثم قبرت في أجسادهم، فما أبدانهم إلا قبور قلوبهم فهى قلوب خربة لا تؤلمها جراحات المعاصي، ولا يوجعها جهل الحق ولا تزال تتشرب كل فتنة حتى تسود وتنتكس، ومن ثم لا تعرف معروفا ولا تنكر منكرا،ولقد خلق الله عز وجل الخلق فجعل عليهم حقا أعظم وهو حق عبادته وحده لاشريك له، فقال تعالي ” وقضي ربك ألا تعبدوا إلا إياه ” ثم جعل الله تعالى للعباد حقوق لبعضهم على بعض وبين النبي صل الله عليه وسلم عظم هذه الحقوق ووجوب الإلتزام بها وأن العبد سيسأل يوم القيامة عنها فإن الدواوين في يوم القيامة تكون ثلاثه ويعني ذلك الأعمال التي تسجل فيها اعمال العباد، وإن الدواوين التي ترصد فيها أفعالهم ثلاثة، اما الديوان الأول فلا يغفر الله تعالى منه شيئا وهو الشرك بالله عز وجل.

حيث يقول تعالي” إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء” واما الديوان الثاني، فإن الله تعالى لا يعبأ به شيئا، ويعني ذلك هو داخل تحت المغفره وهو مابين العبد وبين ربه من التي ليس فيها ظلم للعباد، واما الديوان الثالث فهو الذي فيه حقوق العباد لبعضهم على بعض فإذا قصروا فيها كما في حق الزوجة على زوجها أو في حقه عليها إذا قصر فيه حُوسب عنه يوم القيامة, أو في حق الوالد على ولده أو في حق الوالد على ابيه إذا قصر فيه كان ديوان يحاسب عليه يوم القيامة أو في حق الجار على جاره، ولقد بين النبي صلي لله عليه وسلم انه يجب علينا أن نقف مع صاحب الحق حتى نستخرج له حقه، فقيل في الصحيح أن النبي صل الله عليه وسلم استدان من اعرابي شيئا ثم اقبل الأعرابي إلى رسول الله عليه الصلاة والسلام يتقاضاه.

ولم يكون النبي صل الله عليه وسلم يستطيع قضاءه الآن فالمال ليس حاضرا بين يديه فأشتد ذلك الأعرابي في الكلام وجعل يتكلم على قريش وعلى عدم وفائهم بالعهود، فقام بعض الصحابة إلى هذا الأعرابي فقالوا له ويحك اتدري مع من تتكلم أتدري مع من تتحدث، فقال النبي عليه الصلاة والسلام هلا مع صاحب الحق كنتم انما يطالب الرجل بحقه وقد حانت ساعة الوفاء ولم أجد, هلا مع صاحب الحق كنتم، ثم بعث النبي صل الله عليه وسلم إلى فاطمة بنت قيس رضي الله عنها، قال إن كان عندك شيء من تمر فأقرضينا قالت نعم بأبي انت وأمي يارسول الله ثم بعثت إلى النبي صل الله عليه وسلم تمرا فأخذ النبي صل الله عليه وسلم يزن لذلك الأعرابي ثم زاده ودفعه اليه وقال “خيركم أحسنكم قضاء” ثم التفت النبي صلي الله عليه وسلم إلى أصحابه.

وقال لهم “لا قدست أمة لا يعطي الضعيف فيها حقه غير متعتع” أي أن يأخذ حقه وهو صارم وهو جازم وهو واثق أن الناس سوف يستخرجون حقه معه، فلا قدست أمه لا يأخذ ضعيفها من قويها حقه غير متردد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock