مقالات

مرض القلوب

 

بقلم د. جمال الخابوري

اعزائي واخواني الكرام رجائي قراءة هذا المنشور للاخر واعتذر عن الاطالة قليلاً ، لعل وعسى ان تعم الفائدة للجميع .
لقد أطلت التفكير كثيراً عن السبب الحقيقي لما يحدث لنا في مجتمعاتنا العربية والاسلامية من تردي لأحوالنا في كل المجالات من فقر وذل وصراع في المجتمع وفي الاسرة وفي الدول ، الا من رحم ربي ، على الرغم من اننا مسلمين ولدينا كل الامكانيات والكوادر والمبادىء والتوجيهات الالهية في قراننا المجيد ، كل هذه المميزات تجعلنا خير الامم ، قال تعالى ( كنتم خير امة أُخرجت للناس) لكن المشكلة اننا التزمنا بقشور الدين وطقوسه وما نتج عنه من التزمت والتعصب والارهاب بسبب البعد عن جوهر الدين ، واقصد بالجوهر الاعمال الصالحة التي تكرر ذكرها في القران الكريم مراراً وتكراراً ، لكننا خدعنا انفسنا وتسترنا بعباءة الطقوس والشعائر الدينية لنخفي مابداخلنا من امراض القلوب ، فالاعمال الصالحة هي التي تخدم الانسانية وتطورها وتكون افعال لا اقوال ، والاعمال الصالحة يجب ان تُدرس لاطفالنا منذ نعومة اظفارهم، وهي كثيرة جداً وعلى سبيل المثال لا الحصر منها ، الصدق في تعاملاتنا والامانة والعدالة وان تحب لاخيك المسلم ماتحب لنفسك ولاتقبل الضرر لاي انسان ..الخ ، وقد طبقها الغرب ونحن فشلنا على الرغم من انها من اسس ديننا الحنيف.
لقد نبهنا سبحانه وتعالى في كتابه العزيز وقال ( ونفس وما سواها . فألهمها فجورها وتقواها . قد افلح من زكاها . وقد خاب من دساها )
بهذه الاية الكريمة يوجهنا الله بأن النفس تحمل الخير والشر ويحب مقاومة الشر وذلك بتزكية النفس بالاعمال الصالحة حتى نُفلح وتستقيم حياتنا التي ارادها لنا رب العزة والجلال .
وشرور النفس كثيرة منها الكذب والانانية والغدر وعدم العدالة في تعاملاتنا وعدم حفظ الامانة والحقد والحسد والكراهية واشياء كثيرة تعرفونها جيداً ، هذه كلها تعد من امراض القلوب التي اوصلتنا الى مانحن عليه من واقع اليم ، وقد حذرنا ربنا منها بالاية السابق ذِكرها فلا يمكن ان ينصلح حالنا اذا لم نصلح انفسنا ونزكيها قال تعالى (ان الله لايغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) ويقصد بتغير النفس هو بتزكيتها من شرورها .
وأخيراً يجب ان نستر عيوبنا ، فالانسان معرض ان يضعف امام شهواته ورغباته فالكمال لله وحده ، يجب ان ننصحه بالسر دون التشهير حتى لا يُصبح الشر ظاهرة عادية لايستحي من تكرارها . قال في الحديث (من ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة ).
ارجو أن لاتعلموا ابناؤكم ان يكونوا أغنياء لانهم سيتركون المال ويرحلون بل علموهم كيف يكونوا اغنياء النفس ، علموهم كيف يكونوا سعداء .. علموهم الرضا والقناعة والتصالح مع النفس .. علموهم المحبة وكسب الاصدقاء المخلصين …علموهم كيف يحبوا أنفسهم ولا مجال للحقد والكره بسبب امور دنيوية تافة وعلى حساب صحتهم ، علموهم البساطة والتواضع فهي ينبوع السعادة التي لاتنضب . للاسف لانكتشف هذه الحقائق الا في وقت متأخر من العمر وقرب موعد الرحيل من الدنيا . اتمنى ان نستوعب هذه الحقائق قبل فوات الأوان وان ندعو الله ان يكفينا شرور انفسنا وأمراض قلوبنا التي هي السبب الحقيقي وراء مانحن عليه من واقع مؤلم …..
تحياتي لكم أحبائي وأصدقائي الاعزاء.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock