اقتصاد وبورصة

طريق العودة والخروج من مأزق الدولار

الخروج من مأزق الدولار

طريق العودة

والخروج من مأزق الدولار

بقلم / حامد السعدني

       لطالما كانت مصر بعملتها وناتجها القومي بعيدة تماما عن هزات الإقتصاد العالمي وعثراته – حيث كان الجنيه المصري مغطي بالذهب ومرتبطا بالجنيه الاسترليني حتي عام 1962 ، إلا أنه وعند إنتهاء الحرب العالمية الثانية وفي عام 1945 تم عقد مؤتمرعالمي تحت مسمي ( مؤتمر النقد العالمي ) وبإشراف الولايات المتحدة الامريكية عقب تأسيس صندوق النقد الدولي – وإنتهي الي توقيع إتفاقية بين عدد من الدول بلغ عددها 44 دولة ومن ضمنها مصر إعتمدت الي إعتبار الدولار الأمريكي المعيار النقدي الدولي لجميع عملات العالم بدلا من الذهب وذلك بشكل جبري ، مع تعهد واشنطن بتغطيه الدولار الأمريكي بالذهب بما يعادل 35 دولار أمريكي للأوقية من الذهب لتصبح بالتبعية جميع العملات مغطاه بالذهب ، وذلك عقب إنتهاء الحرب العالمية الثانية وللتخفيف من آثارها السلبية علي إقتصاديات الدول ، بهدف الاسراع بمعدلات التبادل التجاري بين الدول وإسقرار النظام المالي العالمي .

      ولم يكن ربط الجنيه المصري بالدولار مؤشرا يعكس معدلات التبادل التجاري بين مصروأمريكا – بل علي العكس – فقد كانت مؤشرات التبادل التجاري باليورو في ذلك الوقت  المعبر الحقيقي عن الشراكة التجارية مع دول الإتحاد الأوروبي في المقام الأول وليس الدولار الأمريكي – ولقد تم ربط الجنيه المصري بالدولار في عام 1962 عند سعر 2.6 دولار أمريكي لكل جنيه مصري ، إلا أنه ونتيجة إعتماد مصر التدريجي والمتزايد علي إستيراد معظم إحتياجاتها من السلع والخدمات مع إنخفاض الرقعة الزراعية وزيادة معدلات السكان بشكل يفوق المحقق من عوائد التنمية الاقتصادية … فقد أدي ذلك الي إنخفاض قيمة الجنيه مقارنة بالدولار الأمريكي وبباقي العملات الأخري بالتبيعية في نفس الوقت .

      ولقد تفاجأت دول العالم أن الولايات المتحدة الأمريكية لم تقم بتغطية الدولارالأمريكي بالغطاء الذهبي المطلوب كما تعهدت عقب إنعقاد مؤتمر النقد العالمي ، وإنما إقتصر الأمر علي طباعة أوراق بنكنوت ورقية لا تتعدي قيمتها قيمة الورقة المطبوعة عليها … ولما كانت قيمة الدولار الأمريكي بمصر لا تمثل حقيقة وقيمة الجنية المصري – حيث إضطرت مصر الي إجراء العديد من قرارات تعويم الجنيه مقابل الدولار الأمريكي الذي خضع لبعض العوامل التي من بينها وجود ندرة نسبية بالدولار بسبب إكتناز الدولار من جانب المتعاملين بالسوق وتعلق طبيعة أنشطتهم بالدولار الأمريكي ، بل والمضاربة عليه خارج السوق الرسمي ، إضطرت مصر الي تعويم الجنيه تنفيذا لطلبات صندوق النقد الدولي لمنحها قروض بغية الإسراع بمعدلات التنمية الاقتصادية بديلا للإستثمارات الأجنبية التي يفترض أن تقوم بهذا الدور جنبا الي جنب مع القطاع الخاص المحلي ، حيث تروت وتريثت الاستثمارات الأجنبية لتستشعر أولا نتيجة تعويم الجنيه وما هي معدلات العائد علي الاستثمار الذي سوف تجنيه نتيجة الاستثمار بالسوق المصري .  

      وخروجا من عباءة الدولار الأمريكي ، وبعد مرور نحو 60 عام من التبعية له ، فقد إنضمت مصر رسميا لبنك تنمية البريكس جنبا الي جنب مع السعودية وتركيا – لتنضم الي الدول المؤسسة للبريكس وهي ( البرازيل ، وروسيا ، والهند ، والصين ، وجنوب أفريقيا ) – التي تستحوذ علي نحو 40% من سكان العالم وربع الناتج المحلي العالمي – ودول البريكس إعتمدت علي بناء عملتها الخاصة بها علي إحتياطي من الذهب واليورانيوم والجرافيت والنحاس … بعد أن تبين للعالم كله أن الدولار الأمريكي مبني علي الديون والعدم – وهي الهيمنة الغربية والإجبار.

      وسوف تكون هناك شبكة دفع مشتركة بين الدول الأعضاء مبنية علي حجم التبادل التجاري بين الدول الأعضاء ، وتتحدد قيمة السلع المتداولة في أسواق تلك الدول مقارنة باسواق الدول الأخري المشتركة في هذا النظام – وحتي نعد العدة كاملة لإسترجاع القيمة المفقودة من الجنية المصري مرة أخري علينا بإغتنام الفرصة وزيادة الإنتاج وتنويعة ، وتشجيع القطاع الخاص للإنخراط في العملية الانتاجية خاصة في ظل تضخم البنوك بأرصدة المودعين التي قاربت 700 مليار جنيه – مع الإبقاء علي أقل القليل من المصادر بالدولار الأمريكي بغرض خدمة الديون المستحقة علي مصر، وتحجيم وتقنين الإحتفاظ به .

     فهل نعي الدرس ونتمسك بالفرصة السانحة أمامنا ونحسن إستغلالها للعودة بالجنية المصري الي دياره سالما بعد معاناه طالت قرابه الستين عاما مع الورقة الخضراء التي أرهقت الجميع وذهبت بأقواتهم لتعتلي الورقة الخضراء مكانة لا تستحقها وتضيع قيمة ولاد الأصول ؟  

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock