الأولاد نعمة من نعم الله

بقلم/ احمد زايد
من أهم النعم التى تستحق الشكر، وأجلها نعمة الأولاد، فالله جعلهم زينة الحياة الدنيا «الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»، كما عدهم نعمةً عظيمة «وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا»، وجعلهم قرة أعين «وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ» وشكر هذه النعمة يكون بإحسان تربيتهم، والاهتمام بتأديبهم، وتعليمهم شؤون دينهم، وأمرهم بالمعروف، ونهيهم عن المنكر، فالبيت له دور كبير بالغ الأهمية فى إعداد الأبناء إعدادًا سليمًا نافعًا للبشرية، وديننا عامر، وسنتنا مليئة بما يجب به إحسان تربيتهم، وتقويم خُلُقهم، وتعديل سلوكهم. علينا أن نتأمل حديث رسولنا «ألا كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذى على الناس راع، وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وهو مسؤول عنهم، والمرأة راعية على بيت بعلها وولده، وهى مسؤولة عنهم، والعبد راع على مال سيده، وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع مسؤول عن رعيته»، وعلينا أن نسأل أنفسنا ما الذى قمنا به تجاه هؤلاء الرعية؟ وأن نجعل هذا الحديث قاعدة من قواعد تربيتنا لأبنائنا، فالأسر اليوم فى أمس الحاجة إلى قواعد التربية على أصول دينية ثابتة تشد النفوس إلى عرى الإيمان الراسخ، فالمسؤولية الملقاة على عاتق الآباء والأمهات كبيرة جدًا وخطيرة جدًا؛ لأنها تتعلق ببناء رجال الغد الذين يتولون حماية الدين والحفاظ على الأوطان، وللأسف الشديد قد ضيَّعها الكثير منهم، فالولد أمانة فى عنق الوالدين يُسألان عنها، وقلبُه الطاهر جوهرةٌ نقية فعلى الآباء مراجعة أنفسهم فى علاقاتهم مع أبنائهم، ولنتذكر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من عبد استرعاه الله رعية فلم يُحِطْها بنصحه إلا لم يجد رائحة الجنة» يجب علينا أن نحاسب أنفسنا، وأن نتقى الله فى أبنائنا، الذين هم أمانة فى أعناقنا، وأن نراجع إيمانَنا، فالإيمان جذور تتغلغل فى القلب، وتمتد فروعها فى السلوك، وتبدو ثمراتها فى الأخلاق والمعاملات، وهو ما نفقده فى مجال تربيتنا لأولادنا. ونعمة الأولاد، منحة إلهية، وهبة ربانية، والأولاد ذكورا كانوا أم إناثاً هم بسمة الأمل، وأريج الحياة، وريحانة القلب وإذا أردت أن تعرف عظيم منة الله عليك بهذه النعمة، فانظر إلى من حُرمها، وكيف يذوق ويتجرع مرارة الحرمان والفقد، حينما يرى الناس معهم أولادهم، فيحترق قلبه شوقا وحزنا للأولاد!. ما أجمل ثم ما أجمل نعمة الأولاد، وما أروع تصرفاتهم وهم في عمرِ الصبا، تجد في ابتساماتهم البراءة، وفي تعاملاتهم البساطة، لا يحقدون ولا يحسُدون، وإن أصابهم مكروه لا يتذمرون يعيشون اليوم بيومه بل الساعة بساعتها، لا يأخذهم التفكير ولا التخطيط لغد، ولا يفكرون كيف سيكون؟ وماذا سيعملون؟ أحاسيسهم مرهفة، وأحاديثهم مشوقة، وتعاملاتهم محبة، إنْ أسأت إليهم اليوم ففي الغد ينسون، وبكلمة أو كلمتين تستطيع أن تمحو تلك الإساءة، قلوبهم بيضاء، وسرائرهم نقية، ومعادنهم صافية نعمة الأولاد من افضل نعمِ الله على العبد بعد نعمة الاسلام، يختص الله بها من يشاءُ من عباده ولو كان فقيرًا، ويمنعها عمن يشاء من خلقه ولو كان غنيًّا، وإذا أردت أن تعرف عظيم منَّة الله عليك بهذه النعمة، فانظر الى من حُرمَها كيف يتلوى؟ وكيف يتألم؟ وكيف يحترق؟ وكيف يشتهي؟ وكيف يتمنى أن يُرزَقَ ولدًا يملأ عليه حياته، ويملأ عليه دنياه فرحًا وسرورًا وأنسًا، وبهجةً وأمنًا وأمانا، بل انظر إلى أولئك الذين يدفعون أموالهم، ويُضحون بأوقاتهم متنقلين من مستشفى إلى آخر، ومن مركز صحي إلى آخر، ومن دكتور متخصص في العقم إلى آخر، بل ربما يُضطرون للسفر إلى الخارج من أجل أن يحظون بعلاجٍ يساعد في رزقهم ولدًا واحدًا أو بنتًا وأنت يا من لم تُقدِّر هذه النعمة وتشكر الله كثيرًا عليها، أنت أعطاك ووهبك الله الأولاد دون مقابل، ومن غير عناء، وبلا سفر أو تنقلاتٍ ودون ذهابٍ أو إياب. غيرك ممن حُرمَ الأولاد يضرب أخماسًا بأسداس، ومن عامٍ إلى عامٍ آخر وهو في آناتٍ وآهات وتناهيد، وصرخات وأحزان: ﴿ لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ ﴾ [الشورى: 49]، وتأمَّل معي هنا هذا النص الصريح “يهبُ”، فالله سبحانه وتعالى سمى الأولاد “هبة”، ولم يسمهم رزقًا؛ لأن الرزق قد تكفل الله به للجميع أما الهبة، فهو يهبها لمن يشاء، ووقت ما شاء وكيفما شاء، ولأنه يفعل ما يشاء، واليوم نجد من ليس له ولد أو بنت يقول: “أتمنى ولدًا أو بنتًا”، فإذا ما رزقه الله ببنتٍ اعترض على حكم الله، وقال: ماذا أفعل بالبنت! أريد ولدًا يحملُ اسمي ويرثني، أريد الذكر! فإذا ما رُزق بالذكر قال: يا رب أريد اثنين وثلاثة وأربعة، وهكذا…”، وما علموا حِكمةَ الله تبارك وتعالى في تقديم كلمة “إناثًا” في قوله: “يهب لمن يشاء إناثًا”؛ لأنه كان في الجاهلية إذا رزق الرجل بالبنت ظلَّ وجهُهُ مسودًا، وكانوا يتخافتون ويسخرون من بعضهم إذا رُزق أحدهم وبشِّر بالأنثى: ﴿ وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [النحل: 58، 59] فكانوا يدفنون الإناث أحياءً والله يقول: ﴿ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ ﴾ [التكوير: 8، 9]، بمعنى لماذا تقتلونها؟ لماذا تفضِّلون الذكور على الإناث؟ لماذا الاعتراض على حكم الله واختيار الله؟ أتعرفون أبا حمزة؟ ومن يكون؟! أبو حمزة رجل من السابقين كانت له زوجةٌ صالحة أنجبت له بنتًا وراء بنت، حتى أصبحت ذريته من البنات، فترك بيتها وأصبح يبيت عند جيرانه، فقالت زوجته تناديه بكل أدبٍ واحترام وبكلماتٍ رائعة مهذبةٍ وبدُرر ذهبية ثمينة، فقالت:
مال أبي حمزة لا يأتينا *** ينام في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنين *** تالله ما ذاك في أيدينا
نحن كالأرض لزارعينا *** ننبت ما قد زرعوه فينا
فكم من فتاة كانت أبر لأبويها، وأنفع من عدد من الذكور، وكم من ابن كان شقاءً على أبويه، وتمنيا أنهما لم يأتيا به، ولا رأياه، فها هي الجوهرة المصونة، والدرة المكنونة، ينبغي أن تتلقى الحب والرعاية .كتب صديق يهنىء صديقةبالبنت يقول: أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون. فالبنات حسنات والبنون نعم، والحسنات مجزي عليها، والنعم محاسب عليها قال صلى الله عليه وسلم: “من عال ثلاث بنات، أو ثلاث أخوات أو ابنتين أو أختين كنّ له حجاباً من النار، فإن صبر عليهن حتى يزوّجهن دخل الجنة”. ضمان منه عليه الصلاة والسلام.فى ختام مقالتى ادعو الله ان يبارك لنا في أولادنا وبناتنا ويحفظهم من كل مكروه اللهم ارزقنا برهم واجعلهم قرة عين لنا. اللهم حبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم وكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان واجعلهم من الراشدين اللهم اجعلهم أوفر عبادك حظاً وسعادة في الدنيا والآخرة.