دين ودنيا

“اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ .. فِي سَبِيلِ اللَّهِ

كتب/د.محمد عبد العال
بِذِكْرِ المُصْطَفَى تَحْيَا القُلُوبُ *** وتُغْتفَرُ الخَطَايَا والذُّنوبُ
في ربيعِ الأنْوار .. وفي حُبِّ النبيِّ المُصْطَفَى المُخْتَار
كان رسولُ الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) شُجاعًا مِقدامًا، لا يهابُ الموتَ ولا يخشاهُ، فكان في غزواته ثابتًا ثبات الجبال الرواسي.
كما كان (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يُحبُّ الجهاد في سبيل الله، ففي الصحيحين عن أبي هريرة (رضي الله عنه) عن رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال: “والَّذي نفسُ محمَّدٍ بيدِهِ لودِدتُ أن أغزوَ في سبيلِ اللَّهِ فأُقتَلَ ثمَّ أغزوَ فأقتَلَ ثمَّ أغزوَ فأقتَلَ”.
وعلى الرغمِ من كثرة حروبه وغزواته (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، ومَنْ قابلهم من أعدائه، إلا أنه لم يثبُتْ أنه باشر قتلَ أحدٍ بيديْه الشريفتيْن غير واحدٍ فقط هو:
أُبيُّ بنُ خلف القُرشي، أخو أميةَ بن خلف الذي اشتُهر بتعذيبه لبلال بن رباح.
وقد كان أبيٌّ هذا يُبغض النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) كثيرًا، بل كان من ألدِّ خصومه، وأكثرهم إيذاء له، واستهزاءً به.
ومن استهزائه كما في كتب التفسير: أنه جاء إلى النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بعظم قد صار رميمًا باليًا، فقال وهو يُفتِّتُه –مُستهزئًا ومُنكرًا للقيامة والبعث-: “آلله مُحيي هذا يا محمد، وهو رميمٌ؟”، وفيه نزل قوله (تعالى) في سورة يس: “أَوَ لَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (77) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (78) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ (79)”.
وكان قتله في غزوة أحد في العام الثالث من الهجرة.
والقصة:
رواها ابنُ شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب، قال: أُسر أبيُّ بنُ خلف يوم بدر، فلما افتدى من رسولِ الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قال له: إن عندي فرسًا أعلِفُها كل يوم من ذُرةٍ، ولعلي أقتلك عليها، فقال له رسول الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “بل أنا أقتلك عليها، إن شاء الله”.
فلما كان يومُ أحد أقبل أبيُّ بنُ خلف تركضُ فرسُهُ تلك، حتى دنا من رسول اللّه (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فاعترض رجالٌ من المسلمين له ليقتلوه، فقال لهم رسولُ الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “استأْخروا، استأْخروا”، فقام رسولُ الله (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) فتناول الحربة من الحارث بن الصِّمَّة فطعنه بها، فجاءت في ترقوته، فكسرتْ ضلعًا من أضلاعه، فكَرَّ عدوُّ الله منهزمًا، ورجع إلى أصحابه ثقيلًا، فاحتملوه حتى ولَّوْا به، فقال له المشركون: والله ما بك من بأسٍ، فقال لهم: ألم يقل لي محمدٌ: “بل أنا أقتلك، إن شاء الله”، فانطلق به أصحابه، فمات ببعض الطريق، فدفنوه.
روى ذلك ابن جرير الطبري والحاكم عن سعيد بن المسيب والزهري رحمهما الله تعالى، وابنُ القيم في زاد المعاد، وقال ابن كثير في التفسير: سنده صحيح.
أقول:
فانظر إلى حرص النبي (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) على قتل هذا الرجل، وأيُّ جرم فعله ليكونَ هو الأوحدَ في التَّاريخ الذي قُتل بيديْ رسولِ اللهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) الشريفتيْن؟!
هذا
وقد روى البخاريُّ ومسلمٌ في صحيحيْهما عن أَبِي هُرَيْرَةَ (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى رَجُلٍ يَقْتُلُهُ رَسُولُ اللَّهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ”.
وفي المسندِ عن ابنِ مسعود (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ): “أشدُّ النَّاسِ عذَابًا يومَ القيامَةِ، رجُلٌ قتلَه نَبِيٌّ أو قَتلَ نبيًّا”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock