سورة التحريم .

..
محمد الشيخ عضو الهيئة العالمية للاعجاز العلمى فى القرآن والسنه
الشرقيه
سورة التحريم من السور التي نزلت في مرحلة متأخرة من المرحلة المدنية فقد ورد في بعض الروايات في أسباب النزول ذكر أسماء لأمهات المؤمنين ولم يكن رسول الله – ﷺ بنى بهن إلا في مرحلة متأخرة كزينب بنت جحش وصفية بنت حيي وجاريته مارية القبطية.
1- أسماؤها:
تسمى سورة التحريم.
وتسمى سورة النبي صلى الله عليه وسلم
وتسمى سورة لم تحرم
وتسمى سورة اللم تحرم بتشديد اللام
والتسميتان الأخيرتان من قبيل تسمية السورة بأول كلمة بها ولا يشترط في ذلك ورود نص أو أثر بهذه التسمية عن الصحابة أو التابعين.
2- عدد آياتها:
عدد آيات سورة التحريم اثنتا عشرة آية إجماعًا.
عدد كلماتها مائتان وسبع وأربعون كلمة وحروفها ألف ومائة وستون حرفًا كحروف سورة الطلاق.
3- المرحلة الدعوية التي نزلت سورة التحريم فيها
سورة التحريم من السور التي نزلت في مرحلة متأخرة من المرحلة المدنية فقد ورد في بعض الروايات في أسباب النزول ذكر أسماء لأمهات المؤمنين ولم يكن رسول الله – صلى الله عليه وسلم بنى بهن إلا في مرحلة متأخرة كزينب بنت جحش وصفية بنت حيي وجاريته مارية القبطية.
كما أن الإشارة التي وردت في كلام عمر بشأن استعداد غسّان لغزو المسلمين يدل على هذه المرحلة المتأخرة فاحتكاك المسلمين بأطراف الجزيرة العربية وملوكها لم يكن إلا في السنة التاسعة للهجرة وما بعدها.
وفي هذه المرحلة كانت آيات الذكر الحكيم تنزل بشأن بناء المجتمع الإسلامي البناء القوي المحكم ففي هذه المرحلة نزلت سورة الجمعة والحجرات والتوبة والطلاق والتحريم وغيرها.
ولقد أشار بعض المفسرين إلى جانب نفسي في أحداث سبب النزول لهذه السورة يتعلق بأمهات المؤمنين وأرى وجاهة هذا الجانب النفسي في القضية
ذلك أن أمهات المؤمنين عشن عيشة الكفاف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .حيث كان يمر الشهر والشهران ولا يوقد في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار للطبخ وما كان عيشهم سوى الأسودين الماء والتمر ولم يشبعوا من خبز بر يومين متتالين فلما انتشر الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجًا وفتحت مكة واطمأن الناس في جزيرة العرب على مصالحهم التجارية والزراعية وأقبلت الوفود على عاصمة الدولة الإسلامية يعلنون الطاعة والولاء وفرضت الزكاة على الولايات الإسلامية وحملت الأموال إلى المدينة المنورة ووزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم على القاصي والداني وخص بكثير منها المؤلفة قلوبهم كل ذلك أوجد في نفس بعض المقربين من رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أوكلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رصيدهم الإيماني فلم ينلهم العطاء أوجد لديهم تطلعًا إلى أن ينالهم شيء من هذا العطاء، وأن يحصلوا على بعض أسباب المعيشة التي تبدل شيئًا من الشظف الذي كانوا عليه.
ومن هؤلاء أمهات المؤمنين حيث جئن وجلسن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم وبدأن يطالبنه بالنفقة
ولكن رسول الله -الذي التزم منهجًا في الحياة هو ارتضاه لنفسه سواء قل المال بين يديه أو كثر لم يكن ليطمئن إلى متاع الدنيا ولذائذها وإنما ادخر اللذة والمتعة إلى يوم فيه الحياة الحقيقية والمتعة التي لا تنتهي آثر ذلك على متع الدنيا العاجلةوهو بذلك يختط للأمة وهو قدوتها المنهج الأمثل في هذه الحياة العاجلة الزائلة.
فلما وجد إصرارهن على أن يأخذن حظهن من الدنيا مع حوادث جزئية أخرى خاصة تقدمت على هذه المطالبة الجماعية بالإنفاق والتوسع في المعيشة.
كان الأمر الحاسم وقطع دابر هذه المحاولات التي كانت تؤثر على مشاعر رسول الله وخاصة وهي تثار داخل بيته ومن أهله وزوجاته اللاتي يفترض فيهن أن يجد منهن رسول الله المواساة مما يعانيه في دعوته من أعداء الإسلام الخارجين والمنافقين في صفوف المسلمين.
أما أن يجد رسول الله داخل منزله ما يدعو إلى تغيير منهجه في الحياة وأسلوبه في زهده وطريقة إنفاقه على أهل بيته.
فهذا الذي لم يرضه رب السماوات والأرض لرسوله فأنزل آية التخيير لتضع أصحاب القضية بين خيارين لا ثالث لهما
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلاً وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآَخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا
ونزلت سورة التحريم لتتناول جانبًا آخر من القضية وهي قضية غيرة النساء وحيلهن لكسب قلب الزوج وحرمان ضرائرهن من عطفه وشفقته وحبه واستئثارهن به.
وهو جانب آخر وإن بدا لأول وهلة أنه أمر لا يستحق هذا الاهتمام ذو خطورة لأنه يتعلق ببيت النبوة ونمط المعيشة فيه وكيفية إنشاء العلائق المنزلية بين أفراد الأسرة ومن هذا البيت يستمد التشريع للأمة وهو البيت النموذج والمثل الإنساني الكامل.
4- أسباب نزولها
روى البخاري في صحيحه في عدة مواضع منها في كتاب التفسير- عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي –
يشرب عسلاً عند زينب بنت جحش ويمكث عندها فتواطأت أنا وحفصة على أيتنا دخل عليها فلتقل له: أكلت مغافير إني أجد منك ريح مغافير قال: ولكني كنت أشرب عسلاً عند زينب بنت جحش فلن أعود له وقد حلفت لا تخبري بذلك أحدًا فنزلت يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَك
إلى قوله تعالى إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللَّهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا
كان النبي – إذا صلى الصبح دخل على أزواجه امرأة امرأة فسلّم عليهن وكانت حفصة قد أهدي لها عسل وكان النبي
إذا دخل عليها خاضت له من ذلك العسل فسقته منه فيجلس عندها فغارت عائشة فجمعتهن فقالت لأزواج النبي
امرأة امرأة إذا دخل عليكن فقولي ما هذه الريح التي أجدها منك يا رسول الله أكلت مغافير فإنه سيقول سقتني حفصة عسلاً، فقولي:
فدخل على سودة، قالت: فأردت أن أقول له قبل أن يدخل فرقًا من عائشة قالت: فلما دخل قلت: ما هذه الريح التي أجد منك يا رسول الله؟ أكلت مغافير قال: لا ولكن حفصة سقتني عسلاً فقالت جرست نحله العرفط ثم دخل عليهن امرأة امرأة وهن يقلن له ذلك ثم دخل على عائشة فقالت له أيضًا ذلك فلما كان الغد دخل على حفصة فسقته فأبى أن يشرب وحرمه عليه، فأنزل الله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ