الشاعرالمسيحى الذى أيقظ وجدان المسلمين فى رمضان

الشاعرالمسيحى الذى أيقظ وجدان المسلمين فى رمضان
للدكتور حسن عبد العال كلية التربية جامعة طنطا متابعة : أحمد عبد الحميد.
هز وجدانى مقال الكاتب الطبيب ناجح إبراهيم ” فؤاد حداد المسيحى المسلم العروبى ” وهو يعرض لإبداع الشاعر فؤاد حداد وكلماته التى تغنى بها الفنان السيد مكاوى على دقات طبلة المسحراتي المنقراتى التى خالطت وجدان الناس فى شهر رمضان الكريم ، واستجابت لها دقات قلوبهم .
وما كنت أعلم أن الشاعر الأسطورة فؤاد حداد مسيحى الديانة ، فكيف لمسيحى أن يصوغ بعمق وأن تجسد أشعاره هذه المعانى الإسلامية العميقة والنبيلة عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم ، وعن الاسراء والمعراج , وعن أمير المؤمنين الخليفة الراشد عمر ابن الخطاب ، وعن صلاح الدين الأيوبي والقدس الشريف وصخرة القبه ، وغيرها وغيرها مما حملته أشعاره التى سكنت صدور المصريين مسلمين ومسيحيين وهى تسرى فى ليالى رمضان بصوت الشيخ سيد ومع دقات طبلته التى توقظ الناس للسحور وصلاة الفجر .
ولم ادهش لهذه المعلومة عن مسيحية فؤاد حداد ، فهو خيط من نسيج الشعب المصرى الواحد الذى عاش تاريخه الطويل لا يعرف تفرقة بسبب الدين ، وتشارك مسلموه ومسيحيوه افراح هذا الوطن واتراحه ، وعاشوا قضاياه جسدا واحدا يتألمون لألمه وتسعدهم ايام بهجته واعياده .
لكن الذى ادهشنى وأخذ بمجامع فكرى ، هو قدرة الشاعر العظيم على تجسيد أعمق معانى الاسلام وأدق وقائع تاريخ حضارته ، وقيمها العظيمة فى الحرية والعدالة والتسامح
بكلماته البسيطة والعميقة والرائعة . واستعير من مقال ناجح بعض أغنيات المسحراتي التى ابدعتها قريحة فؤاد حداد ، وسرت فى دماء المصريين مسلمين ومسيحيين بألحان الفنان السيد مكاوى ومع دقات طبلة المسحراتي المنقراتى .
وبمناسبة الذكرى ٧٢ لنكبة فلسطين أذكر ما قاله عن القدس والمسجد الأقصى وتغنى به المسحراتى ” مسحراتى يا مؤمنين منقراتى مد الأنين ، الله على رعشة الحنين عمره ما كان الأمل ضنين ، ياقدس نوارة السنين ، كان عينى فى ميتمى، ياقدس مايحتمل دمى ، إلا اشوفك وارتمى أبوس ترابك المريمى ، أبويا وابنى على فمى ، يا عاصرة مهجة الرجال سقاك من دمعته الهلال ، الأعمى فى سجدتك رأى والفجر من سجدتك سقى ، يا قدس تتفجر الجراح والصبر حرب وأيوب صلاح ، يا أخت من مكة والبطاح ، قلبى انضرب للعرب وصاح ، لابد من فتح فى الصباح ” لكن مات فؤاد حداد ولم يدرك فتح الصباح .
وفى حب مصر قال : ” المشى طاب لى والدقة على طبلتى ، ناس كانوا قبلى قالوا فى الأمثال الرجل تدب مطرح ما تحب ، وأنا صنعتى مسحراتى فى البلد جوال ، حييت ودبيت كما العاشق ليالى طوال ، وكل شبر وحتة فى بلدى حته من كبدة ، حتة من موال ” .
وعن عدل عمر بن الخطاب وقصته مع الأيتام قال حداد : ” قريت مسائل جانى الخبر ، من المدينة والراشدينا فيما غبر ، أصل الحكاية سمع شكاية مد البصر ، شاف الخليفة أجسام ضعيفة زى الصور ، لو لسه حية عيونها حافية من النظر ، فى ما تغلب وايدين تقلب فيه بحجر ، قالت بسللى ولادى ياللى تعرف عمر ، ومهما نشهق لابد نزهق من السهر ، يمكن يعينهم نعاس يمتهم قبل السحر ، سالت دموعه وبين ضلوعه قلبه انفطر ، قال كل مسلم جناحه مؤلم إذا انكسر . . . ” وحكت اشعاره كيف تألم عمر وتصرف مع المرأة واولادها .
كم استمتعنا بالمسحراتى الذى لم تعرفه أجيال اليوم ، وكم كان الشاعر فؤاد حداد عظيما مستنيرا ،رحم الله فؤاد حداد ورحم عمنا الشيخ سيد مكاوى .