أخبار مصر

الدكروري يكتب عن الإستسلام لذوي الخبرة

الدكروري يكتب عن الإستسلام لذوي الخبرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن العبودية لله استجابة وليست إلغاء للعقل إنما هي اعتراف بتصاغر الإنسان بعقله أمام أمر الله سبحانه وتعالى، اعتراف بعجزي وفقري، ويجب الاستسلام لذوي الخبرة، ويحدث لنا هذا مع ذوي الخبرة في المجالات المختلفة، فأنت تستسلم للطبيب حينما يقول لك عندك مرض كذا أو مشكلة صحية في القلب، أنا لا أدرك التفاصيل من النواحي العلمية ولكني مستسلم للطبيب، مستجيب لكل ما يأمرني به، لم يذهب أحدهم للطبيب ويقول له دكتور ناقشني أنا أريد كلام منطقي، فهذه الحبة الكبيرة آخذ منها أربع أقراص والحبة الصغيرة آخذ منها قرص واحد، اقنعني لماذا هذه قبل الطعام وهذه بعد الطعام ؟ وهكذا الثقة فيما يقوله الطبيب، فإنه لن يستطيع أن يشرح لك كثيرا لأن أنا وأنت لسنا متخصصين.

لفهم التركيبة الكيميائية للدواء، ولسنا متخصصين في معرفة تفاعلات الدواء مع جسم الإنسان واختلاف الحالة من مريض بالقلب أو ارتفاع الضغط أو مريضة حامل أو مرضع، إذن أنا عندي ثقة بالطبيب استسلم له فيما يصفه لي، وعندي ثقة بالمهندس حينما يخطط لبيت، أو لمصنع أو أي مبنى، فيقول هذا تكلفته كذا والأعمدة والسقف كذا وكذا، فأنا مستسلم للمهندس، وكذلك أنا مستسلم للمذكرة التي كتبها المحامي في القضية التي وكلته فيها، وكذلك أنا مستسلم لكابتين الطائرة وهويطير بنا بين السماء والأرض، وأنا مستسلم لكافة البشر في مختلف تخصصاتهم التي لا أعرف فيها شيئا، فلماذا لا أستسلم لله الذي خلقني وشرع لي وبين ما يحل وما يحرم، ويقول الإمام مالك ابن أنس.

أو كلما جاءنا رجل أجدل من رجل تركنا ما جاء به جبريل إلى محمد صلى الله عليه وسلم لجدل هؤلاء، وكذلك يقول ابن القيم رحمه الله وكل من له مسكة من عقل يعلم أن فساد العالم وخرابه إنما نشأ من تقديم الرأي على الوحي، والهوى على العقل، وما استحكم هذان الأصلان الفاسدان في قلب إلا استحكم هلاكه، وفي أمة إلا فسد أمرها أتم فساد، فلا إله إلا الله كم نفي بهذه الآراء من حق، وأثبت بها من باطل، وأميت بها من هدى، وأحيي بها من ضلالة؟ وكم هدم بها من معقل الإيمان، وعمر بها من دين الشيطان؟ ومما يدل على أهمية العقل أيضا أن الله تعالى جعله طريقا إلى تدبر آياته، والتفكر فيما أودع في خلقه من بديع مصنوعاته، وجعله كذلك وسيلة إلى الاعتبار بما جرى من العاقبة الحسنة لأهل طاعته.

ومن العاقبة السيئة لأهل معصيته، فقال الله تعالى فى سورة محمد ” أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها” ومما يدل على أهمية العقل كذلك أن الله تعالى عاتب المشركين الذين ألغوا عقولهم، وحجبوا تفكيرهم، فصاروا أُسراء لتقليد آبائهم المشركين، حتى منعهم ذلك من اتباع الحق، وإن العقل عقلان، عقل تكليف، وعقل علم وخبرة، وهذا الثاني قدر زائد عن الأول، فالأول غريزي، والثاني اكتسابي نتج عن إدراك العلوم والمعارف، وانفتح بالتجارب والخبرات، وأهله هم الذين نسميهم الأذكياء أو العباقرة، وأما عقل التكليف فهو نور يعرف به المكلف الخير من الشر، والنفع من الضر، والحق من الباطل، غير أن بعض الناس استعمل ذلك النور فنجا، وبعضهم الآخر أطفأه فمشى في ظلام دامس فهلك.

ونعني بهذا أن هناك من صرف عقله عن الآخرة وأعمله في جلب مصالح دنياه، ودفع مضارها، سواء كان طريقه إلى ذلك صحيحا أم غير صحيح، وهذا حال الكافرين برب العالمين.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock