مقالات

الدكروري يكتب عن حرية الاعتقاد

بقلم / محمـــد الدكـــروري

إن الخوف من الله سبحانه وتعالي هو سمة المؤمنين، وآية المتقين، والخوف من الله هو طريق للأمن في الآخرة، وسبب للسعادة في الدارين، والخوف من الله دليل على كمال الإيمان، وحُسن الإسلام وصفاء القلب وطهارة النفس، إذا سكن الخوف من الله في القلب أحرق مواضع الشهوات فيه وطرد بهرج الدنيا عنه، الخوف من الله أصل كل خير في الدنيا والآخرة، وكل قلب ليس فيه خوف من الله، فهو قلب خرب، وإن الخوف من الله من المقامات العليّة، وهو من لوازم الإيمان، وكلما كان العبد أقرب إلى ربه، كان أشد له خشية ممن دونه، وإن البيوت الآن في عصرنا الحالي قد اتخمت بالمعاصي وامتلأت العقول بالشبهات والنفوس بالشهوات، فأصبحت الآن ترتكب المعصية ونسمع بها وقلّ من ينكرها ويُؤكل الحرام وكأنه حلال، ويجالس صاحب المعصية.

ويؤاكل ويشارب مرتكب الكبيرة دون إنكار، وإن حرية الاعتقاد هذه التي صانها الإسلام، لم تصنها الشرائع الوضعية التي تغتال في ظلها الحرية الدينية، وتحرم الدعوة إلى الأديان، وتهدم المساجد ودور العبادة، وتفرض فيها العقائد والمذاهب، ويرتبط بحرية الاعتقاد حق آخر من الحقوق التي صانها الإسلام، وهو حقوق الأقليات، فما دام الإسلام قد احترم حرية العقيدة فلا بد أن يحمى أصحاب الديانات الأخرى الذين يعيشون في كنفه، وقد تحقق ذلك بالفعل، وأكد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على حسن معاملة أهل الكتاب، والبر بهم، والتسامح معهم، ومراعاة حقوقهم، ومن هنا فقد جعل النبى صلى الله عليه وسلم المسلم وغير المسلم سواء في حرمة الدم واستحقاق الحياة، فقال في الحديث الذي رواه البخاري، عن عمرو بن العاص “من قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة”

وفى رواية أخرى “من قتل قتيلا من أهل الذمة حرّم الله عليه الجنة” رواه النسائي، وقد شهد أحد البطارقة على سماحة الإسلام مع أهل الذمة بقوله “إن العرب الذين مكنهم الزمن من السيطرة على العالم يعاملوننا بعدالة لا حدود لها” وتمتد قائمة حقوق الإنسان في الإسلام، فنجد حرية الرأي والتعبير، والحرية في الإسلام أصل عام يمتد إلى كل مجالات الحياة، وخاصة حرية التفكير والرأي، فقد فتح الإسلام مجالا رحبا للتفكير وإعمال العقل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يحترم حرية الرأى، ويشجع عليها، وكان حين يرى الرأي، ويرى بعض أصحابه خلافه، يرجع عن رأيه إلى رأى من يخالفه، بعد أن يتبين وجه المصلحة فيه، وخير مثال على ذلك ما حدث في غزوة بدر حين نزل صلى الله عليه وسلم منزلا، وأشار الحباب بن المنذر بغيره.

فقال صلى الله عليه وسلم لقد أشرت بالرأي، وبادر بتنفيذ ما أشار به الحباب، ولم يستبد برأيه صلى الله عليه وسلم رغم أنه السيد المطاع، والإمام المقتدى به، فإن هذا الموقف ليعين على نشر الحرية، ورفع رايتها، وإعلاء صورتها، ومد جذورها، ويشجع على الآراء الناضجة كي تنبت وتترعرع، وإن للقيم فوائد جمة فهي التي تشكل شخصية المسلم المتزنة وتوحد ذاته وتقوي إرادته، والذي لا تهذبه القيم متذبذب الأخلاق مشتت النفس، ينتابه الكثير من الصراعات، فقال الله تعالى فى سورة الملك ” أفمن يمشى مكبا على وجهه أهدى أمن يمشى سويا على صراط مستقيم” فإن القيم تحفظ الأمن، وتقي من الشرور في المجتمع لأن تأثيرها أعظم من تأثيرِ القوانين والعقوبات، فالقيم المتأصلة في النفس تكون أكثر قدرة على منع الأخطاء من العقوبة والقانون.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock