دين ودنيا
الدكروري يكتب عن أيها العاق لوالدية

بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن البر بالوالدين هو سبب دخول الجنة فعن أبى هريرة رضى الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “رغم أنفه، رغم أنفه، رغم أنفه” قيل من يا رسول الله؟ قال صلى الله عليه وسلم “من أدرك والديه عند الكبر أحدهما أو كلاهما ثم لم يدخل الجنة” فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول رغم أنفه ثلاثا أى ذل وهان وتعرض للخيبة والخذلان من أدرك أبويه عند الكبر أحدهما أو كلاهما، ثم لم يكونا سببا فى دخوله الجنة، فإياك أن تضيع هذا الخير، يا من منّ الله عليك به، الآن بر الوالدين من أعظم القربات إلى رب الأرض والسماوات، فعن عبد الله بن مسعود قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أى العمل أحب إلى الله تعالى؟ قال صلى الله عليه وسلم “الصلاة على وقتها” قال ثم أى؟ قال صلى الله عليه وسلم “ثم بر الوالدين” قال ثم أى؟
قال صلى الله عليه وسلم “الجهاد فى سبيل الله” وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال رجل للنبى صلى الله عليه وسلم أجاهد؟ قال صلى الله عليه وسلم “لك أبوان؟ قال نعم قال صلى الله عليه وسلم ” ففيهما فجاهد” وقيل أنه جاء رجل للنبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله جئت أبيايعك على الهجرة والجهاد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم” هل من والديك أحد حى؟ قال نعم، بل كلاهما قال صلى الله عليه وسلم فتبتغى الأجر من الله؟ قال نعم، قال صلى الله عليه وسلم “فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما” فتذكر أيها المقصر مع والديه ليلة تصبحها بلا أم, وتذكر ساعة تدخل فيها المنزل، فلا تسمع صوتها ولا تبصر رسمها, ولا ترى ثيابها, تذكر يوما تحثو فيه التراب على قبرها, وتذكر يوما تتقبل التعازي بها, هناك ستعرف قدر أمك, هناك ستعرف أي أمر فقدت.
وأي باب أوصد عنك, وأي خير حرمت، سل ذلك الذى فقد أمه يخبرك كيف تغير عليه طعم الحياة, حين خلف أمه في المقابر, فلم يجد من بعدها من يسنده ويدعو له ويبث له شكواه, ولن يعرف قدر هذا إلا من عاناه، ألا فعُد اليوم وأرض أمك وأباك, واستدرك ما بقي، وأصلح ما فات, وعاهد نفسك الآن على البر والإحسان مادام في العمر إمكان، وتعالوا لنتأمل سريعا هذه الآيةَ العظيمة التي طالما سمعناها كما جاء فى سورة الإسراء” وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا” فانظر كيف قرن حقهما مع حقه سبحانه، ولم يقرن مع حقه أحدا سواهما، وأمر الله عز وجل بالإحسان إليهما، بكل ما تحمله الكلمة من معاني الإحسان قولا وفعلا، ثم خص بعد العموم، فقال تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” وإما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما “
وهذا نهى عن أدنى أذى لفظي، ولا تنهرهما وهو نهي عن أى مضايقة حركية، وقال عطاء بن أبي رباح “لا تنفض يدك عليهما” ولما نهى عن القول القبيح والفعل القبيح، أمره بالقول الحسن والفعل الحسن، فقال كما جاء فى سورة الإسراء ” وقل لهما قولا كريما ” وقال ابن كثير “أى بمعنى لينا طيبا حسنا، بتأدب وتوقير وتعظيم” وقد أمر الله سبحانه وتعالى بالتواضع لهما، فقال تعالى كما جاء فى سورة الإسراء ” واخفض لهما جناح الذل من الرحمة ” وختم الأوامر في الآية بالدعاء لهما فقال تعالى ” وقل رب ارحمهما كما ربيانى صغيرا” فإن كان باستطاعتك أن ترى أمك وتجلس معها كل يوم، فافعل، فإن كنت عنها بعيدا فبالاتصال، فإن ذلك من برها وإدخال السرور عليها، اعرض عليها قبل أن تطلب منك، اسألها عن حاجاتها وتفقدها، ادعو الله لها، أظهر السرور بطلبها وبقضاء أمرها.