وقفه مع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس “الجزء التاسع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء التاسع مع حقيقة ذكر الله وأثره على النفس، وقيل يؤتى يوم القيامة برجل معه تسع وتسعون سجلا من السيئات والأعمال السيئة مملؤه بالأعمال السيئة، كل سجل منها مد البصر، فيقال له هل لك من حسنة؟ فيستحي ويقول لا يا ربي، فيقال له بلى إن لك عندنا حسنة وأنك لا تظلم، فيؤتى ببطاقة يعني ورقة صغيرة مكتوب فيها لا إله إلا الله فتوضع لا إله إلا الله في كفه وتوضع السجلات التسع والتسعين، كل سجل مد البصر توضع في كفه فترجح بهن لا إله إلا الله فيدخل بذلك الجنة، فهي كلمة عظيمة لها وزنها عند الله، ولكنها ليست لفظا يقال باللسان فقط، وإنما هي كلمة لها معنى، ولها مقتضى لابد من معرفة معناها، ولابد من العمل بمقتضاها.
فلا إله إلا الله معناها لا معبود بحق إلى الله، وكل معبود سواه فهو باطل، ولا إله إلا الله أرسلت بها الرسل، وكلمة لا إله إلا الله لها معنى لابد أن يعرفه المسلم ولابد أن يعمل به فهي تنفي جميع الشرك وجميع المعبودات وتثبت العبادة لله وحده، ونفي لجميع ما يعبد من دون الله وإبطال له إلا الله عز وجل، وإثبات للعبادة لله سبحانه وتعالى وحده لا شريك له، لابد أن يقولها الإنسان من القلب كما في الحديث لما سأل أبو هريرة رضي الله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من قال لا إله إلا الله خالصا من قلبه” لا يقولها بلسانه فقط، وفي الحديث الآخر ” فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله”
لا يقولها بلسانه، المنافقون يقولون لا إله إلا الله وهم في الدرك الأسفل من النار، ولن تجد لهم نصيرا، لأنهم يقولونها بألسنتهم ولا يعتقدونها في قلوبهم، ولما قال صلى الله عليه وسلم للمشركين قولوا:لا إله إلا الله تفلحوا قال “أجعل الآلهة إلها واحدا إن هذا لشئ عجاب” ويقول تعالى ” إنهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلا الله يستكبرون، ويقولون أئنا لتاركوا آلهتنا لشاعر مجنون” فأهل الجاهلية أبوا أن يقولها لأنها تبطل أصنامهم كلها تبطل عبادتها للأصنام ومهم لا يردون أن يتركوا عبادة الأصنام، بل يردون أن يتمسكوا بها، وكثير من القبوريين اليوم يعبدون القبور ويستغيثون بها، ويذبحون لها، وينذرون لها، هم يقولون لا إله إلا الله يقولون لا إله إلا الله بكثرة ولكنهم لا يعملون بمقتضاها.
فلا يتكون عبادة غير الله، لا يخلصون العبادة لله وحده لا شريك له، فكفار قريش أفهم من هؤلاء بمعنى لا إله إلا الله، فلنعرف هذا فإن هذه الكلمة ليست مجرد لفظ يقال باللسان فهي كلمة عظيمة لأن لها معنى عظيم ومقتضى كريم كما قال صلى الله عليه سلم “أفضل الدعاء دعاء عرفة، وخير ما قلته أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير” فهي أفضل الذكر، وأعظم الذكر، وهي أخف أنواع الذكر على اللسان كلمة خفيفة لا تأخذ وقت من حياة الإنسان، وفيها الفضل العظيم لكن لمن يعرف معناها، ويعمل بمقتضاها، فاتقوا الله وأكثروا من ذكر الله، ولاسيما كلمة لا إله إلا الله حتى الميت المحتضر يلقن هذه الكلمة.
فقال صلى الله عليه وسلم ” لقنوا موتاكم لا إله إلا الله فإن من كان آخر كلمه لا إله إلا الله دخل الجنة” يختم بها حياته ويخرج من هذه الدنيا بكلمة عظيمة معتقدا لها مؤمنا بها فيدخل بذلك الجنة، إن لا إله إلا الله تقتضي أن يعمل الإنسان بكل ما أمر الله به، ويترك ما نهاه الله عنه، يترك أولا عبادة غير الله، يترك المعاصي والسيئات، يكثر من الأعمال الصالحة والحسنات، فإن لا إله إلا الله هي مفتاح الجنة، هي مفتاح دار السلام، ولهذا لما قال لوهب بن منبه رحمه الله أليست لا إله إلا الله مفتاح الجنة، قال بلى ولكن ما من مفتاح إلا وله أسنان فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك، معناه أن لا إله إلا الله لا يكفي مجرد لفظها كما لا يكفي مجرد المفتاح بدون أسنان.