دين ودنيا

وقفه مع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الثانى “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثانى مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عند أنه لا يجوز للإنسان أي إنسان أن يدخل على الأمير أو على الملك أو ما أشبه ذلك ثم يقول الناس بخير، الناس أحوالهم مستقيمة، الناس اقتصادياتهم جيدة، الناس أمنهم جيد وما أشبه ذلك وهو كاذب، فهذا حرام، وخداع، فالواجب البيان، أما النفاق والمداهنة فهذه لا تجوز” ومازال الحديث موصولا عن الصحابة الكرام أصحاب رسولنا الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، ومع صحابى جليل من كتبة الوحى وكتبة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، وقد ولد هذا الصحابى الجليل فى مكة المكرمة بعد عام الفيل بسنتين وستة أشهر، وكان أول الرجال إسلاما، وقد توفى فى العام الثالث عشر من الهجرة النبوية الشريفه.

وقد تولى الخلافة عامين بعد وفاة الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وفى عهده فتحت فتوحات الشام، وفتوحات العراق، وفى عهده جمع القرآن الكريم، حيث أمر رضى الله عنه زيد بن ثابت أن يجمع القرآن الكريم، وكان قائدا إسلاميا عظيما، فكان هذا الصحابى الجليل يوصي قادته وجنوده في الحروب، بتطبيق معايير الإسلام السمحه التي تبلغ أعلى درجة في الحفاظ على كل الفئات التي لا تشترك في الحروب، من المدنيين، ومن ذلك ما أوصى به رضى الله عنه، قائدة أسامة بن زيد، الذي أرسله إلى الشام عقب وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال هذا الصحابى الجليل للقائد وجيشه ” قفوا أوصيكم بعشر فاحفظوها عني، لا تخونوا ولا تغلوا ولا تغدروا ولا تمثلوا، ولا تقتلوا طفلا صغيرا,

ولا شيخا كبيرا ولا امرأة ولا تعقروا نخلا ولا تحرقوه ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تذبحوا شاة ولا بقرة ولا بعيرا إلا لمأكله، وسوف تمرون بأقوام قد فرغوا أنفسهم في الصوامع فدعوهم وما فرغوا أنفسهم له، وسوف تقدمون على قوم يأتونكم بآنية فيها ألوان الطعام، فإذا أكلتم منها شيئا بعد شيء فاذكروا اسم الله عليها” وكان هذا الصحابى الجليل عندما بويع بالخلافة، قام فخطب للناس يحثهم على الصدق والجهاد فى سبيل الله، وحذر من المعصية ومن مخالفة ولى الأمر ما دام مطيعا لله تعالى، وقال فى خطبته ” أيها الناس فإنى قد وليت عليكم ولست بخيركم، والضعيف فيكم قوى عندى حتى آخذ الحق له، والقوى منكم ضعيف عندى حتى آخذ الحق منه، لا يدع أحد منكم الجهاد فى سبيل الله.

فإنه لا يدعه قوم إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة فى قوم إلا عمهم الله بالبلاء، وإنما أنا متبع ولست بمبتدع، فإن استقمت فاتبعونى، وإن زغت فقومونى، وإنكم تردون وتروحون فى أجل قد غيب عنكم علمه، فإن استطعتم ألا يمضى هذا الأجل إلا وأنتم فى عمل صالح فافعلوا، وإن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما أريد به وجهه، فأريدوه بأعمالكم، وأن ما أخلصتم لله من أعمالكم فطاعة أتيتموها وضرائب أديتموها وسلف قدمتوه من أيام فانية لأخرى باقية لحين فقركم وحاجتكم، اعتبروا عباد الله بمن مات منكم وتفكروا فى من كان قبلكم، أين كانوا أمس وأين هم اليوم، أين الجبارون، أين الذين كان لهم ذكر القتال والغلبة فى مواطن الحروب، قد تضعضع بهم الدهر وصاروا رميما، قد تركت عليهم القالات الخبيثات.

وإنما الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات، وأين الملوك الذين أثاروا الأرض وعمروها؟ قد بعدوا، ونسى ذكرهم، وصاروا كلا شىء، وقال، ألا وإن الله قد أبقى عليهم التبعات، وقطع عنهم الشهوات، ومضوا والأعمال أعمالهم، والدنيا دنيا غيرهم، وبقينا خلفا من بعدهم، فإن نحن اعتبرنا بهم نجونا، وإن اغتررنا كنا مثلهم، أين الوضاء الحسنة وجوههم، المعجبون بشبابهم صاروا ترابا، وصار ما فرطوا فيه حسرة عليهم، أين الذين بنوا المدائن وحصنوها بالحوائط، وجعلوا فيها الأعجايب؟ قد تركوها لمن خلفهم، فتلك مساكنهم خاوية، وهم فى ظلمات القبور، هل تحس منهم من أحد، أو تسمع لهم ركزا، أين من تعرفون من أبنائكم وإخوانكم؟ قد انتهت بهم آجالهم، فوردوا على ما قدموا، فحلوا عليه، وأقاموا للشقوة وللسعادة بعد الموت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock