مقالات

الدكروري يكتب عن خروج راعوث ونعمي من أرض مؤاب

الدكروري يكتب عن خروج راعوث ونعمي من أرض مؤاب
بقلم/ محمــــد الدكـــروري

ذكرت المصادر التاريخية الكثير عن شخصيات وأنبياء بنى إسرائيل، ومن تلك الشخصيات هي راعوث، وقد عاشت راعوث مع زوجها في أرض مؤاب ولكن مات زوجها فقررت العوده إلي بيت لحم هي وحماتها نعمة أم زوجها،

وبعد رجوعهما محزونتين من موآب الى بيت لحم،‏ سرعان ما علمت ان شريعة يهوه تنص على تدابير عملية تحفظ كرامة الفقراء في اسرائيل،‏ بمن فيهم الغرباء،

وها هي الآن ترى عبادا ليهوه يعيشون بمقتضى الشريعة التي تربّوا عليها ويعربون عن نضج روحي ولطف فائق مسا قلبها الجريح، وكان أحد هؤلاء العباد هو بوعز،‏ وكان رجل مسن واسع الثراء اظهر لها اهتماما ابويا اليوم وهي تلتقط في حقوله،‏

ولم يسعها الا ان تبتسم في سرها حين تذكرت اطراءه اللطيف.

وهو يثني عليها لاهتمامها بنعمي المتقدمة في الايام واحتمائها تحت جناحي الاله الحقيقي يهوه، لكن ذلك لا يمنع ان راعوث كانت قلقة على حياتها في المستقبل،‏ فبما انها غريبة معوزة لا زوج لها ولا ولد، فكيف لها ان تعيل نفسها وحماتها؟

‏ أيكفي اللقاط لسد حاجاتهما؟‏ ومن سيعنى بأمرها هي حين تتقدم بها السنون؟‏ ليس مستغربا ان تشغل بالها هواجس كهذه، وقد عملت راعوث بكد لتؤمّن لقمة العيش لنفسها ولحماتها،

فعندما انهت راعوث خبط السنابل وجمع الحبوب،‏ تبين انها التقطت نحو إيفة من الشعير،‏ وهى كمية ربما بلغ وزنها حوالي أربعة عشر كيلو جرام فحملتها،‏ ربما في صرة على رأسها،‏ ثم توجهت الى بيت لحم فيما اخذ الليل يبسط رداءه المظلم،

وقد سرت نعمي برؤية كنتها الحبيبة.‏

ولعلها شهقت متفاجئة حين رأت حملها الثقيل،‏ وكانت راعوث قد جلبت ايضا ما فضل عنها من الطعام الذي زوده بوعز للحصادين،‏ فجلست الاثنتان تتناولان وجبة متواضعة، سألتها نعمي اين التقطت اليوم،‏ وأين عملت؟‏ ليتبارك من اهتم بك، وكانت نعمي شديدة الملاحظة، فقد استنتجت من كمية الشعير الكبيرة التي احضرتها راعوث ان احدا ما اهتم بهذه الارملة الشابة وعاملها بلطف، وبينما راحت الاثنتان تتسامران،‏ اخبرت راعوث حماتها عن المعروف الذي اسداه اليها بوعز، فتأثرت نعمي وقالت مبارك هو من يهوه،‏ الذي لم يتخلّ عن لطفه الحبي نحو الاحياء والاموات، فقد اعتبرت صنيع بوعز لطفا من يهوه الذي يحث قلوب خدامه على السخاء ويعد بمكافأتهم على احسانهم.

وبعدئذ‏ شجعت نعمي راعوث على قبول عرض بوعز ان تلتقط في حقوله وتلازم فتياته،‏ خدم بيته،‏ لئلا يتعرض لها الحصادون، فأخذت راعوث بالنصيحة، كما انها ظلت ساكنة مع حماتها، وبهذه الكلمات،‏ تبرز مجددا علامة فارقة تميزت بها راعوث المحبة المجبولة بالولاء، وقد تعاونت راعوث ونعمي وتبادلتا التشجيع، وإن في بعض الحضارات،‏ لا تعد العائلة عائلة بحق ما لم يتوفر فيها زوج وزوجة وأولاد وأجداد وما الى ذلك،‏ لكن عائلة نعمي وراعوث تؤكد لنا ان بإمكان خدام يهوه ان يتحدوا في المحبة ويشيعوا جوا من الدفء واللطف والمودة في عائلتهم المفجوعة حتى لو كانت صغيرة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock