دين ودنيا

وقفه مع أول الخلفاء الراشدين ” الجزء الواحد والثلاثون “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الواحد والثلاثون مع أول الخلفاء الراشدين، وقد توقفنا عندما وصل خالد بن الوليد إلى الأنبار، فوجد القوم قد تحصنوا وخندقوا على أنفسهم وأشرفوا على أعلى الحصون، فضرب المسلمون عليهم الحصار، وأمر خالد جنوده أن يصوبوا إلى عيون أهل الأنبار، فلما نشب القتال أصابوا في أول رمية ألف عين من عيونهم، ولذلك سميت هذه الوقعة ذات العيون، واخترق خالد بن الوليد الخندق الذي حول الأنبار بفطنة وذكاء، حيث عمد إلى الضعاف من الإبل بجيشه فنحرها، وملأ الخندق في أضيق نقطة فيها بجثث الإبل، واقتحم المسلمون الخندق وجسرُهم هو جثث الإبل، وصاروا مع عدوهم داخل الخندق، فالتجأ العدو إلى الحصن، واضطر شيراز، قائد جند الفرس إلى قبول الصلح بشروط خالد.

على أن يخرج من الأنبار في عدد من الفرسان يحرسونه، فقبل خالد بن الوليد منه ذلك بشرط ألا يأخذ معه من المتاع أو من الأموال شيئا، وقد استخلف خالد بن الوليد، الزبرقان بن بدر على الأنبار وسار إلى عين التمر، فوجد عقة بن أبي عقة في جمع عظيم من قبائل النمر وتغلب وإياد ومن حالفهم، ومعهم من الفرس مهران بقواته، وطلب عقة من مهران أن يتركه لقتال خالد فقال مهران له دونكم وإياهم، وإن احتجتم إلينا أعناكم، وسار خالد بن الوليد رضى الله عنه، فتلقاه عقة، فلما تواجهوا قال خالد لمجنبته، احفظوا مكانكم فإني حامل، وأمر حماته أن يكونوا من ورائه، وحمل على عقة وهو يسوّي الصفوف فاحتضنه وأسره، وانهزم جيش عقة من غير قتال، فأكثروا فيهم الأسر، وقصد خالد حصن عين التمر، فلما بلغ مهران.

هزيمة عقة وجيشه نزل من الحصن وهرب وتركه، ورجعت فلول نصارى الأعراب إلى الحصن فوجدوه مفتوحا فدخلوه واحتموا به، فجاء خالد بن الوليد وأحاط بهم وحاصرهم أشد الحصار، فاضطر أهل الحصن أن ينزلوا على حكم خالد بن الوليد، فأمر بضرب عنق عقة ومن كان أسر معه والذين نزلوا على حكمه أجمعين، ثم أرسل أبو بكر الصديق رضى الله عنه، الوليد بن عقبة إلى عياض مددا له وهو يحاصر دومة الجندل، فلما قدم عليه وجده في ناحية من العراق يحاصر قوما، وهم قد أخذوا عليه الطرق فهو محصور أيضا، فقال عياض للوليد، إن بعض الرأي خير من جيش كثيف، ماذا ترى فيما نحن فيه؟ فقال له الوليد، اكتب إلى خالد يمدك بجيش من عنده، فكتب إليه يستمده، فقدم كتابه على خالد بن الوليد.

عقب وقعة عين التمر وهو يستغيث به، فكتب خالد إليه، من خالد إلى عياض، إياك أريد، البث قليلا تأتك الحلائب، يحملن آسادا عليها القشائب، كتائب تتبعها كتائب، وقد رحل خالد بن الوليد بجنده من عين التمر بعد أن خلف عليها عويم بن الكاهل الأسلمي، ووصلت أنباؤه إلى أهل دومة الجندل، فاستنجدوا بحلفائهم من قبائل بهراء وكلب وغسان وتنوخ، وكان أمر أهل دومة الجندل إلى زعيمين هما أكيدر بن عبد الملك والجودي بن ربيعة، فاختلفا، وخرج أكيدر مفارقا قومه، وبلغ خالد بن الوليد خبره فأرسل إليه عاصم بن عمرو معارضا له فأخذه، فأمر خالد بقتله، ونزل خالد على دومة الجندل، وجعل أهلَها وحلفاءهم بين فكي كماشة ذراعها الأولى عسكره والثانية عسكر عياض بن غنم، وتقدم الجودي بن ربيعة بجنوده نحو خالد بن الوليد.

وتقدم ابن الحدرجان وابن الأيهم بجنودهما ناحية عياض، ودارت المعركة، وأنزل خالد بن الوليد الهزيمة بالجودي وأتباعه، وانتزع عياض النصر من ابن الحدرجان ومن معه بصعوبة، وحاولت فلول المنهزمين الاحتماء بالحصن، ولكنه كان قد عج بمن فيه فأغلقوه عليهم وتركوا أصحابهم حوله في العراء، ولم يلبث خالد بن الوليد أن هاجم من بداخل الحصن بعد أن اقتلع بابه فقتل منهم جموعا كثيرة، ثم أمر خالد الأقرع بن حابس بالرجوع إلى الأنبار وأقام بدومة الجندل، فظن الفرس وعرب المنطقة ذلك فرصة لهم، فخرج زرمهر، من بغداد ومعه روزبة، يريدان الأنبار، وتواعدا في الحصيد والخنافس، فوصل خبرهم الزبرقان بن بدر التميمي وهو على الأنبار، فاستمد القعقاع بن عمرو، خليفة خالد بن الوليدعلى الحيرة، وطلب المدد.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock