ثقافة

الدكروري يكتب عن اتقوا الله ” جزء 4″

 

بقلم / محمـــد الدكـــروري

وإن من الخير أن نذكر شيئا عن المنهج السليم لإعداد الشباب ليستطع القيام بمسؤوليته على نحو من المنهج الإسلامي الصحيح ولقد اهتم الشرع الإسلامي بصيانة الوليد ورعايته حتى يغدو شابا يصلح مجتمعه، وأول المؤثرات في حياة الوليد الإنصاف في العدل والرحمة والعطف من الأبوين، ويأتي بعد ذلك من الأصول التربوية السليمة أصول ذات قيم إنسانية رفيعة، فهناك اختيار الأسماء النابضة بالتفاؤل والبعيدة عن التعقيد النفسي، وإحاطة الأسرة بالضمانات الشرعية التي تحميها من التفكك والصراع، والأهمية البالغة في تلقين الصغار عقيدة التوحيد؟ وتدريبهم على الصلاة قبل سن البلوغ، والتفريق بين الجنسين في المضاجع، وتبصير الشباب بأحكام الشريعة، ومعرفة إبعادها ومفاخرها بين جميع التشريعات على مدى التاريخ البشري كله، فاتقوا الله تعالى فإن مَن اتقاه وقاه، واعلموا أننا في حاجة إلى إصلاح ما فسد، ولا بد من التعاون في ذلك من الجميع. 

كل بحسبه ومقدرته فأولا العبد في حاجة إلى إيمان صادق، يحمله على العمل الصالح، ويردعه عن العمل السيئ حتى لا يحتاج إلى رقيب من البشر فإن الرقيب يغفل فلا بد أن يكون الرقيب من داخل النفس، ونحن في هذه الحياة في دار ابتلاء وامتحان، دار فناء لا دار بقاء، ومهما تزخرفت فهي مشوبة الغصص ما أضحكت إلا وأبكت، إنها دار عمل فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومَن يعمل مثقال ذرة شرا يره، فمن لم يشغل نفسه بالعمل الصالح، شغلته بالعمل الفاسد، وغدا في الدار الآخرة دار البقاء يصير الإنسان إما إلى جنة وإما إلى نار، فنسأل الله الثبات على دينه، وفي هذه الحياة لا بد من آمر ومأمور، ورئيس ومرؤوس، والله جل وعلا مطلع على الجميع، لا تخفَى عليه خافية فعلى كل واحد أن يتقي الله فيما يأتي ويذر، ويحرص كل الحرص على العمل الصالح، ويحذر كل الحذر مما يفسده ومن ذلك الرياء والسمعة، وأكل الحرام الذي انتشر مثل أكل الربا. 

والغش في المعاملات، وتنوع أساليب الخداع، فعلى كل فرد أن يتقي الله في نفسه، وفي من تحت يده، وفي المجتمع عامة فإن الجميع في سفينة واحدة، وخرقها يضر بالجميع، وعلى من له سلطة أن يستعمل سلطته فيما فيه مصلحة الجميع ودرء المفسدة عن الجميع ولو بعقاب المفسد إذا لم يرتدع بنفسه فإن ردعه مصلحة له، فإننا نريد أن يبدأ الإصلاح من البيت والجار والحي، ومن المدرسة ودائرة العمل حتى يستنكر الفساد، ويندر وجوده، ويحاسب كل مسؤول عن وجوده، ويشعر كل مسؤول أن وجوده ناشئ عن إهمال مسؤوليته، لا أن يفتخر بضبط الكثير لأن ضبط الكثير يدل على الأكثر، فإننا نريد مجتمعا إسلاميا يعرف ما له وما عليه، يعرف الأوامر ويمتثلها، والنواهي ويجتنبها، يريح نفسه ويريح غيره، نريد مجتمعا متآلفا، يأخذ الضعيف حقّه من الغني دون مشقة ولا عناء حتى تقل الخصومات، ويقل النزاع فالفقير له حق في مال الغني، يأخذه وهو مرفوع الرأس بلا مِنة. 

فإننا نريد صحوة ورجوعا إلى تعاليم ديننا الحنيف، الذي حفظ للبشرية حقها في هذه الحياة حتى للكفار الذين لم يُسلموا وانقادوا لتعاليم الإسلام، ولم يتعرضوا له ولا للمسلمين بسوء، وإن من وحد الله، وامتثل أوامره، واجتنب نواهيه سعد في دنياه وأخراه، ومن بقي على كفره، سعد في الدنيا بجسمه وشهوته، وعاش فيها كما تعيش البهائم، ومصيره إلى النار، ونحن في حاجة إلى نشر الإسلام وتعاليمه السامية، وذكر ما وصل إليه من فتوحات وقوة بهرت أكبر الأمم في زمان عزة الإسلام، وما وصلت إليه البشرية من أمن واستقرار، بخلاف ما عليه الأمم الكافرة من خوف ورعب وإفساد في الحرث والنسل، فنحن في حاجة إلى الرجوع إلى الله بصدق وأمانة واحتساب، وإصلاح ما فسد، ووقاية لما يصلح فالوقاية خير من العلاج فإن تكلفة الوقاية أقل من تكلفة العلاج، فتكلفة الوقاية امتثال أوامر الله واجتناب نواهيه، وهذه لا تحتاج إلى جهد بل تحتاج إلى إيمان صادق. 

واحتساب الثواب من الله، والخوف مِن عقابه أما العلاج فيحتاج إلى وسائل ومواد وثروات كبيرة، وبشر يعملون ليلا ونهارا، وقد لا يفيد العلاج بعد أن يستفحل الداء فكم من أكلة أو شربة أضرّت بصاحبها،فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، والحرص على ما ينفع من أمر الدنيا والأخرى مع الاستعانة بالله والتسليم لله فيما قدره وقضاه والحذر من الاعتراض على قدر الله إذا فات شيء مما يسعى له المرء ويتمناه، أو اليأس من روح الله إذا أبطأ المطلوب أو عز المرغوب، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ” احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز فإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كذا لكان كذا ولكن قل قدر الله وما شاء فعل فإن لو تفتح عمل الشيطان” وقال صلى الله عليه وسلم “اعملوا فكل ميسر لما خلق له” واعلموا أن تقوى الله فإنها التحرز بطاعة الله تعالى عن معصيته طلبا لمرضاته وثوابه واتقاء لغضبه وعقابه.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock