دين ودنيا

وقفه مع جابر بن عبد الله الأنصاري ” جزء 1″

بقلم/ محمـــد الدكـــرورى

لقد كانت العرب تسمع من أهل الكتاب ومن الكهان أن نبيا يبعث من العرب اسمه محمد، فسمَّى من بلغه ذلك من العرب ولده محمدا طمعا في النبوة، وقد سُمى محمد بن الخزاعي بن حزابة من بني ذكوان من بني سليم طمعا في النبوة فأتى أبرهة باليمن فكان معه على دينه حتى مات فلما وجه قال أخوه قيس بن خزاعي، فذلكم ذو التاج منا محمد، ورايته في حومة الحرب تخفق، وكان في بني تميم محمد بن سفيان بن مجاشع وكان أسقفا وقد قيل لأبيه إنه يكون للعرب نبي اسمه محمد فسماه محمدا، وكان هناك محمد الجشعي في بني سواءة، وأيضا محمد الأسيدي وأيضا محمد الفقيمي فكل هؤلاء قد سموهم طمعا في النبوة وكان ذلك فى الجاهليه.

ولكن النبى صلى الله عليه وسلم، كان من صفاته صلى الله عليه وسلم، أنه كان من رآه هابه، ومن عامله أحبه، ومن صفاته صلى الله عليه وسلم، أن كل صحابي كان يظن أنه أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهؤلاء العظماء كل من خالطهم، وجلس إلى جانبهم، وعاملهم، يشعرونه أنه أقرب الناس إليهم فهذا الشاب الصغير جابر بن عبد الله، النبي صلى الله عليه وسلم، قد اهتم بجمله، وأناخ جمله، ووكز جمله، وسأله عن أحواله، الذي حصل قال صار جملي يجاري ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتحدث معي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أتبيعني جملك هذا يا جابر ؟ ما أدري لماذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، ذلك ؟

قلت يا رسول الله، بل أهبه لك، قال لا ولكن بِعنيه، قلت فسُمني به، قال أخذته بدرهم، قلت لا، إذا يغبنني رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فبدرهمين ، قلت لا، فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن حتى بلغ الأوقية، فأنظر إلى هذا الحوار، والمداعبة، والتواضع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لهذا الشاب فكان أرحم الخلق بالخلق هو رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيقول جابر، فلم يزل يرفع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الثمن حتى بلغ الأوقية، فقلت قد رضيت، قال قد رضيت، قلت نعم هو لك، ثم قال لي صلى الله عليه وسلم، يا جابر هل تزوجت ؟ هكذا كان مثل الأب يسأل أولاده عن أحوالهم.

وهكذا النبي صلى الله عليه وسلم، وقد قال الله عز وجل فى كتابة الكريم فى سورة التوبة ” لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم ” ثم يقول جابر رضى الله عنه، قال لي صلى الله عليه وسلم، يا جابر هل تزوجت ؟ قلت نعم يا رسول الله، قال أثيبا أم بكرا؟ قلت بل ثيبا، قال أفلا تزوجت بكرا؟ قلت يا رسول الله إن أبي أصيب يوم أحد، أي استشهد، وترك سبع بنات له، فتزوجت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن، وهنا كلام رائع من جابر رضى الله عنه، وهو يقول أنا لست حاجة إلى زوجة بكر ولكنى بحاجة إلى زوجة خبيرة بشؤون البيت ترعى أخواتي، فتزوجت امرأة جامعة تجمع رؤوسهن، وتقوم عليهن.

فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، قد أصبت إن شاء الله، ثم وصل جابر رضى الله عنه إلى بيته وأخبر امرأته بما جرى بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري هو صحابي، وهو من المكثرين من رواية الحديث النبوى الشريف، وكان جابر بن عبد الله هو مولى بني عبد الدار، وكان يهوديا صائغا في مكة فكان يجلس هو وياسر وهو يهودي آخر يقرآن الكتاب المقدس أثناء اشتغالهما بالتجارة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، يمر عليهما ويستمع منهما، ومعنى ذلك حسب رأيه أنه كوّن أفكاره الخاصة بالتوراة من سماع جابر بن عبد الله وهو يتلو عليه .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
error: Content is protected !!

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock