د.محمد حجازي يكتب عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران والسعودية
استقرار المنطقة والاختراق الصيني لقضايا المنطقة :

د. محمد حجازي يكتب : عودة العلاقات الدبلوماسية بين ايران والسعودية و استقرار المنطقة والاختراق الصيني لقضايا المنطقة :
منذ أن أعلنت إيران والسعودية الجمعة 10مارس 2023 استئناف علاقاتهما الدبلوماسية المقطوعة منذ 2016، بعد مفاوضات قادتها الصين وبمباركة روسية ودهشة امريكية وترقب اسرائيلي ، توالت ردود الفعل العربية و الدولية حول أثر هذا الاتفاق والبُعد الذي يحمله على المنطقة فيما يتعلق بعلاقات الصين ونفوذها في المنطقةومدي تاثير ذلك علي الوجود الامريكي في المنطقة ، ومدي تاثير ذلك علي الامن القومي الاسرائيلي .
في وقت شكرت فيه كل من السعودية وإيران الصين على الدور الذي لعبته وجهودها في التوصل لاتفاق علي مدار عامين متواصلين ،
من جانبه، سارع البيت الأبيض للتأكيد على أن واشنطن كانت على إطّلاع على المباحثات بين الأطراف، حيث قال المتحدث باسم الأمن القومي جون كيربي إن الولايات المتحدة تتابع “بكثب” سلوك الصين في الشرق الاوسط وأماكن أخرى،
وقد رحبت العديد من الدول العربية بالوساطة الصينية ووصفتها بمثابة نجاح لتقريب وجهات النظر.
كيف نجحت الصين الآن بهذا الوساطة؟
الاتفاق الثلاثي الذي تمّ التوصل له الجمعة، سبقته مباحثات بين طهران والرياض خلال عامي 2021 و 2022، استضافتها سلطنة عمان وجمهورية العراق بحسب ما جاء في البيان الثلاثي يوم الجمعة، فيما استكملت بكين المحادثات وأوصلتها إلى النتيجة، فكيف تمكنت الصين من الوصول لهذه النتيجة؟
ان الوساطة الصينية بمثابة المبادرة الناجحة والنشاط السياسي الأول لـبكين في منطقة الخليج والشرق الأوسط، ويعزو هذا النجاح للثقة التي تبديها دول المنطقة للصين، بسبب ما تملكه من علاقات اقتصادية وتجارية من ناحية، بالإضافة لتاريخ خالٍ من الخلافات والصراعات، حيث لم تكن بكين مسبقاً منخرطة في أي من النزاعات، ولا تملك تاريخاً استعمارياً في المنطقة وهي أمور وظفتها بكين خلال حواراتها ودبلوماسيتها، وأدت في وصول الأطراف المختلفة للاتفاق.
إن الحوارات العربية في عمان والعراق سابقاً احتاجت الدعم الدولي، نظراً لحالة عدم الثقة والشكوك المتبادلة التي شابت أجواء الحوار بين طهران والرياض، وما تطلبه ذلك من قوة دولية تضمن هذا الاتفاق.
أن نجاح الوساطة يأتي بالتزامن مع علاقات متوترة بين إيران والغرب بسبب ملفها النووي، ورغبة سعودية باتخاذ خطوات أكثر استقلالية تجاه علاقاتها مع الولايات المتحدة وسياسيتها الخارجية بعد توتر علاقاتهما مؤخراً، لا سيما في ملفات النفط وحقوق الإنسان.
هذه المواقف السياسية من الولايات المتحدة عززت فرص نجاح الوساطة الصينية، والتي يجمعها مع إيران العداء المشترك للولايات المتحدة، وترغب في إبعاد السعودية خطوة للخلف عن حليفتها الاستراتيجية واشنطن.
إصرار صيني على المصالحة منذ سنوات :
ما حققته الصين على مستوى المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران، لم يكن وليد اللحظة، حيث جاء بعد سلسلة من محاولات قامت بها بكين لإصلاح العلاقة، ففي مارس عام 2017، أعلنت الصين استعدادها للتوسط بين الجانبين في مبادرة جاءت على لسان وزير الخارجية الصينية آنذاك وانغ يي، قبيل زيارة قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز إلى الصين.
وأعادت بكين الكرة أثناء زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى البلاد عام 2019، حيث عادت وأعلنت استعدادها للتوسط مع إيران.
هذه المبادرات جاءت ضمن محاولات بكين في التعامل مع الضغط الواقع عليها بسبب الخلاف بين طهران والرياض،
أن لدى الصين مصالح مع الجانبين، حيث إنها تعتمد على السعودية بشكل كبير في إمدادها والطاقة، لدرجة تدفعنا الي القول بان اعتمادية الصين علي النفط السعودي بوصفه احد اكبر موارد الطاقة لبكين ، واحد اهم المرتكزات الاستراتيجية للامن القومي الصيني يدفعان الصين للاهتمام بالمنطقة .
كذلك الصين لديها ارتباطات اقتصادية قوية مع إيران، إلا أن كل تحرك صيني باتجاه أي من كلا الطرفين كان يقابل بانزعاج أو ضغط من الطرف الآخر.
في ديسمبر الماضي، عقدت الصين ودول خليجية قمة شهدت عقد اجتماعات وتوقيع اتفاقيات اقتصادية، إلا أن طهران انزعجت من البيان الختامي الصادر عن القمة، بعدما تطرق لقضايا إقليمية مسّت الجزر المتنازع عليها بين ايران و الإمارات ( جزر طنب الثلاث)
إن رد الفعل الصيني على الإنزعاج الإيراني تمثل بزيارة دبلوماسية صينية لطهران، من أجل طمأنة الأخيرة بأن بكين لا تزال ثابتة على مواقفها تجاه إيران، لكنّه أيضا شكل دافعاً للمُضي قدماً في المصالحة بين الأطراف، وذلك كي تتمكن بكين من التحرك بحرية أكبر، دون أن يتم اعتبار أي من تحركاتها تجاه أي من الطرفين بمثابة “عداء” للطرف الآخر.
ترحيب عربي بالاتفاق، فهل تكون الصين بوابة لوساطات أخرى؟
منذ إعلان الاتفاق الثلاثي يوم الجمعة، توالت ردود الفعل العربية المرحبة بالتوافق بين القوتين الإقليميتين، ومن أبرزها بيانات صدرت عن الخارجية العراقية ومجلس التعاون الخليجي والخارجية الجزائرية ومصر والبحرين وسلطنة عمان والأردن، إلى جانب رئيس وفد صنعاء التفاوضي وحزب الله اللبنانية.