أخبار مصر

قراءة للمشهد الاقتصادي المصري بعد قرار البنك المركزي المصري بخفض قيمة الجنيه المصري ما اشبه اليوم بالبارحة

بقلم ا . د / محمد حجازي

استاذ العلوم السياسية بجامعة سلمان الدولية

في صبيحة يوم 21 مارس 2022 استفاق الشعب المصري علي سلسلة من الاجراءات التي اتخذها البنك المركزي ، من اهمها خفض سعر صرف الجنيه بالدولار ( تعويم الجنيه المصري ) ورفع سعر الفائدة علي النحو التالي :

حيث ان البنك المركزي المصري
في نفس وقت رفع أسعار الفائدة، قلل المعروض الدولاري في السوق المصرفي ، مما ادي الي وجود فائض طلب علي الدولار ، ومن ثم ارتفع الطلب بشدة على الدولار كي يرتفع امام الجنيه بنحو 2 جنيه تقريبا حتي يوصل لمُستويات 17،47 جنيه للدولار الواحد.

فما هي دوافع البنك المركزي لهذا الاجراء ؟

البنك المركزي المصري اتخذ هذا الاجراء من اجل تحقيق هدفين
وفقا لرؤيته :

الأول : من اجل توفير حافز للإستثمارات الأجنبية الموجودة فعلًا ، كي تستمر في الدولة
لإنها لو خرجت الان ستتحمل خسارة عند التحويل من الجنيه للدولار، وبالتالي الأجدى لها إنها تستمر خاصة في ضوء أسعار الفائدة التي زادت .
حيث انه من المعلوم ان تتجه الاستثمارات الاجنبية الي الاقاليم التي ترتفع فيها اسعار الفائدة .

التاني : من اجل توفير حافز لاستثمارات جديدة للدخول للسوق المصري، مدفوعة بالمكاسب التي ستحققها عند التحويل من الدولار للجنيه، بالإضافة إلى المكاسب التي ستحققها من أسعار الفائدة المُرتفعة الموضوعة فعلًا من جانب البنك المركزي.

مغزي طرح شهادات ادخارية بسعر فائدة 18 % :

في نفس الوقت من ناحية ثالثة ، لإن القرارات ستزيد العبء على كاهل المواطن، قرر البنك المركزي عمل شهاد لمدة سنة في البنكين الحكوميين الأكبر بنك مصر والبنك الاهلي المصري بسعر فائدة 18 % كي ترفع دخول المواطنين خلال السنة ( فترة الأزمة )، فتوفر لهم قوة شرائية أعلى في مُقابل الجنيه الذي نقصت قيمته وقوته الشرائية بسبب ارتفاع سعر صرف الدولار بالجنيه .

وهذا الاجراء سبق ان اتخذته ادارة البنك المركزي الحالية عندما تم خفض سعر صرف الجنيه واصدار شهادات ادخار طلعت حرب بسرعة فائدة 20 %
عام 2017 ، والذي شهد اقبالا كبيرا من المودعين من كافة مستويات الدخول .

وهو ما نفس ما حدث اليوم 22 مارس ( اليوم الاول لطرح الشهادات الادخارية ) ، اذ بلغت جملة شراء هذه الشهادات نحو 13 مليار جنيه .

وهذا ما دفعنا للقول ما اشبه اليوم بالبارحة .

قراءة للمشهد الاقتصادي المصري :

القراءة الاولي : ان نجاح سياسة تعويم العملة ( خفض قيمة الجنيه المصري امام الدولار الامريكي ) يتطلب توافر شرطين اساسيين هما :
الاول : وجود فائض في الانتاج
بمعني ان يكون الانتاج اكبر من الاستهلاك .
وهو غير متحقق علي الاطلاق ، حيث تعاني مصر من فجوة في الانتاج .
الثاني : وجود فائض في الميزان التجاري . بمعني ان تكون قيمة صافي الصادرات موجبة . اي ان تكون قيمة الصادارات اكبر من قيمة الواردات .
وهو غير متحقق علي الاطلاق حيث تعاني مصر من وجود عجز في الميزان التجاري نتيجة لان الواردات السلعية اكبر من الصادرات السلعية .

ان التجارب الناجحة في خفض قيمة العملة الوطنية ، هي تلك التي انتهجتها كل من اليابان والصين نتيجة تمتع كل منهما بميزة ان الانتاج اكبر من الاستهلاك ، وللتخلص من فائض الانتاج كان لزاما علي كل منهما خفض قيمة عملته الوطنية امام العملات الاجنبية . اي جعل اسعار السلع الوطنية منخفضة بالمقارنة بالاسعار العالمية وبالتالي تزداد القوة الشرائية للعملات الاجنبية ويزداد الطلب علي السلع الوطنية .

القراءة الثانية :
لن ينشغل المواطن المصري بانخفاض قيمة الجنيه المصري – مع انها الاشكالية الرئيسية التي تمس مستوي معيشته – بينما سينشغل بامكانية تحويل ممتلكاته واصوله الي نقود سائلة حتي يحصل علي شهادة ادخارية بعائد 18 % لمدة سنة غير قابلة للتجديد .

والنتيجة الحتمية هي نقص شديد في السيولة النقدية ينعكس سلبا علي القوة الشرائية مستقبلا . هذا من ناحية الفرد

القراءة الثالثة :
اما من ناحية اخري ، علي مستوي الدولة ، فسيشهد الاقتصاد المصري حالة من الركود التضخمي ، سنتاولها في المقال القادم

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock