دين ودنيا

وقفه مع الإسلام فى زمن الإنترنت ” الجزء الثالث “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الثالث مع الإسلام فى زمن الإنترنت، ولنضرب لذلك مثلا، ففي وسائل الاتصالات مثلا ينزل يوما بعد يوم ما يبهر عقول الناس، وذلك استدرارا لأموالهم، وفسادا لأخلاقهم، ويخف الضرر إذا كان ضررا ماليا، ولكن إذا انتقل الضرر إلى العِرض فتلك المصيبة الكبرى التي لا يرفأ فتقها، ولعلنا نستعيد الذاكرة إلى الوراء قليلا، فأول ما نزل إلى الأسواق الجوال الذي زود بالكاميرا، ضج الناس حتى منع بيعه في الأسواق، وأصبح يباع خفية كالمخدرات، وما أن سُمح ببيعه حتى كثر في الأسواق بأنواع مختلفة وإمكانيات عجيبة وتطور باهر، ويزداد الأمر خطورة عندما زودت بعض الأجهزة بما يسمى بالبلوتوث أو الشير، وهو برنامج مراسلة مجانية بين أجهزة الهاتف التي تعمل بهذا الخاصية، ويستطيعون أن يحمّلوا على التليفونات أفلاما.

من الفيديو ويدبلجوا ويدخلوا صورا في صور وأفلاما مع أفلام، حتى انتشر للأسف بين الشباب بجنسيهم تبادل الأفلام الخليعة، بل وصور الأبرياء التي تلتقط بلا علمهم، وذلك عبر ما صور بالتليفون في قاعات الأفراح أو في الأسواق أو في المدارس، أو فى الملاهى والكازينوهات أو في مشاغل الخياطة، أو في المتنزهات أو في شقق الإيجار أو الفنادق، حتى خشي الإنسان على نفسه في بيته، ويجتمع سيل التطور في مستنقع الرذيلة، فيتساعد البلوتوث والشير وكاميرا التصوير والإنترنت في نشر الفساد وانحلال المجتمع، فيتناقلون ذلك في البلوتوث أو الشير عبر رسائله، والعجب أنها تنتشر في أواسط الناس انتشار النار في الهشيم، ثم يأتي بعض السقطة وينزل هذه الصور عبر الإنترنت، فينشرها عالميا، فانظر كيف أن هذا التطور أصبح وسيلة فساد.

بل أصبحت التقنية وسائل ترفيه وهمجية، كل هذا والناس بلا رقيب ولا سلطة مانعة، وإن لهذا السفه أسبابا كثيرة إن لم نقم بعلاجها هلك المجتمع بأسره، ولو تعقل الناس فيها لقلبوا الفتنة إلى نعمة، والمحنة إلى منحة، ولكن للأسف قلّ أن تجد من الناس من يستعملها في الخير المحض، ومن قصد الخير أصابه من شرها الذي لا يكاد ينجو منه أحد، وإن المخيف في الأمر هروع شباب الأمة خلف زيفها والغرق في مستنقعاتها، بلا تأن، بل ولا رقيب، ومن خالط الشباب سواء في وسط المجتمع أو في قاعات الدراسة يبكي دما لحال الشباب الذين هم عماد الأمة والذين هم أملها، وبغفلة من ولي الأمر الذي أصبح لفرط جهله بهذه الأمور يساعد أبناءه على الشر والفساد وهو لا يشعر، بل ربما تغافله أبناؤه على ما يريدون، وكل ذلك في ظل الثقة الزائفة.

التي يجني الولي منها الندامة في الغالب، والقنوات الفضائية تجمع السم الزعاف الذي ليس له مصل يعالج به من أصابه سمها، إلا توفيق الله وعنايته، فهي تبث فساد المجتمعات، ورذائل أخلاقهم، إلى كل بيت يحوي تلك القنوات، فالإنترنت وما أدراك ما الإنترنت؟ إنه البث المباشر الذي لا راد له من البشر، إنه زبالة العالم جمعت فيه ليستقي منها وراده بلا رقيب، ولا شك أن الإنترنت فيه خير كثير، فقد ساعد في نشر الدعوة، وحمل فيه من العلوم ما يعجز المرء أن يقتنيه في منزله، بل سهّل التواصل من خلاله أكثر من غيره وأقل كلفة، ولكن الجانب الأعظم من مستخدميه، لا يستخدمونه في الخير، بل هو مطيتهم إلى كل سوء، خصوصا ما يسمى بالشات، وهو محادثة بين الجنسين، ولو شاءا لأضافا إليه تبادل الصور، بل الصورة على الهواء.

فهل يعلم ذلك أولئك المغفلون الذين فتحوا الباب على مصراعيه في بيوتهم؟ فإن الإنترنت أخطر بكثير من بقية الوسائل الإعلامية، وإن كان الجميع يشترك في زراعة الشر ونشره، فلا تندهش عندما تعلم أن أغلب المواقع الإباحية على الإنترنت يملكها يهود، فهل يليق بمسلم أن يلهث خلف سراب الشهوات عبر تلك الفضائيات؟ وبعد هذا السخف اللا أخلاقي هل يعقل أن مسلما يعطي بنته أو زوجته تليفون فيه كاميرا أو بلوتوث أو يفتح لها الحرية في الدخول للإنترنت، بل حتى ابنه الشاب الذي لا يزال في سن المراهقة، وإن كان الخطر على الجميع، فيجب أن نحارب هذه الأجهزة وأن نحذر منها، فلا يستخدمها إلا العقلاء الذين لا يستخدمونها إلا فيما يعود بالنفع عليهم ومجتمعاتهم، فإن هناك أمور دعت إلى هذا السقوط في الهاوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock