دين ودنيا

وقفه مع بُني الإسلام على خمس ” الجزء الرابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع بُني الإسلام على خمس، وسُمّي النبى نبيّا لأنه مُنبئ، ومُخبر عن الله عز وجل أى مُبلغ عنه أمره ووحيه، وأما عن تعريف الرسول، فهو فى اللغة من الإرسال، وهو التوجيه والبعث، واصطلاحا فهو أوحى إليه بشرع جديد، وأرسل إلى قوم مخالفين ليبلغهم رسالة الله مثل أولي العزم من الرسل، وأما عن الإيمان باليوم الآخر، فالمراد بالإيمان باليوم الآخر هو الاعتقاد الجازم بصدق كل ما أخبر به الله عز وجل في كتابه العزيز، أو أخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكون بعد الموت، وما يكون بين يدي الساعة، ويشمل ذلك ما يكون بين يدي الساعة من أشراطها، وفتنة القبر، وعذابه، ونعيمه، والصراط، والشفاعة، والجنة والنار، وما أعد الله تعالى لأهلهما فيهما.

وغير ذلك، وأما عن الإيمان بالقدر خيره وشره، فالقدر فى اللغة هو الحُكم والتقدير، واصطلاحا هو تقدير الله تعالى للخلائق كما شاء مما سبق به علمه واقتضته حكمته، وفي هذا الحديث بيان الإحسان وهو ” أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” والإحسان نوعان، هما إحسان في عبادة الله، وإحسان إلى خلقه، فالإحسان في عبادة الله قد فسّره النبي صلى الله عليه وسلم بقوله” أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك” فينبغي ألا تقصّر في إحسان العمل له، والإخلاص فيه فإنه يرى مكانك، ويسمع كلامك، ويعلم سرك وعلانيتك، فراقبه، ولا تستهن بنظره إليك، ورؤيته إياك غافلا عنه أو مسيئا في عبادته، وأما الإحسان إلى خلقه، فهو بذل ما يمكن من أنواع الإحسان.

بالقول والفعل والجاه والتعليم والنصيحة، وبذل المعروف، والله يحب المحسنين، وهو معهم بتوفيقه وتسديده، وفي هذا الحديث تنبيه على أنه ينبغي للمسلم إذا أتاه سائل وسأله، وهو لا يعرف الجواب ألا يجيب بفلسفته وآرائه وإنما يقول لا أعلم أو ما أشبهها من الصيغ التي تدل على أنك لا تعرف الجواب لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ما المسؤول عنها بأعلم من السائل” وفي هذا الحديث بيان بعض علامات الساعة، وأَماراتها، نسأل الله أن يرحمنا برحمته، وأن يحسن خاتمتنا، وفي هذا الحديث جواز السؤال، ولو كان السائل يعرف الإجابة، لكن لأجل أن يستفيد الحاضرون لقوله صلى الله عليه وسلم ” فإنه جبريل آتاكم ليعلمكم دينكم” وهذا الحديث عظيم القدر.

كبير الشأن، جامع لأبواب الدين كله، بأبسط أسلوب، وأوضح عبارة، ولا نجد وصفا جامعا لهذا الحديث أفضل من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم” وقد تناول الحديث الذي بين أيدينا حقائق الدين الثلاث الإسلام والإيمان والإحسان، وهذه المراتب الثلاث عظيمة جدا لأن الله سبحانه وتعالى علق عليها السعادة والشقاء في الدنيا والآخرة، وبين هذه المراتب ارتباط وثيق، فدائرة الإسلام أوسع هذه الدوائر، تليها دائرة الإيمان فالإحسان، وبالتالي فإن كل محسن مؤمن، وكل مؤمن مسلم ومما سبق يتبيّن لك سر العتاب الرباني على أولئك الأعراب الذين ادّعوا لأنفسهم مقام الإيمان، وهو لم يتمكّن في قلوبهم بعد، فيقول الله في كتابه فى سورة الحجرات.

” قالت الأعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الإيمان في قلوبكم ” فدل هذا على أن الإيمان أخصّ وأضيق دائرة من الإسلام، وإذا أردنا التعمّق في فهم المراتب السابقة ، فإننا نجد أن الإسلام هو التعبد لله سبحانه وتعالى بما شرع، والاستسلام له بطاعته ظاهرا وباطنا، وهو الدين الذي امتن الله به على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمته، وجعله دين البشرية كلها إلى قيام الساعة، ولا يقبل من أحد سواه، وللإسلام أركان ستة كما جاء في الحديث، أولها شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وفي الجمع بينهما في ركن واحد إشارة لطيفة إلى أن العبادة لا تتم ولا تقبل إلا بأمرين وهما الإخلاص لله تعالى، ومتابعة الرسول صلى الله عليه وسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock