تعلمت من رمضان

د/محمد الشيخ
الشرقيه
————
رمضان أتي ومر بسرعة كما يمر العمر، فرمضان نموذج أو صورة مصغرة من العمر، يأتي فنفرح به ثم يمر بسرعة فيفلت منا فجاءة لنتحسر على ما فاتنا منه، إذ فيه فرص الفوز والغفران والعتق من النار ورفع الدرجات، ولكنها تمر بسرعة وقد تفلت هذه الفرص بغفلة منا أحيانا.
فماذا تعلمنا من رمضان كي ننتهز هذه الفرص، ولا تفلت منا في كافة أيام عمرنا؟
○•تعلمنا أن المواظبة على وظائف محددة في أوقات محددة تجعلنا نغنم هذه الفرص، حتى لو كانت هذه الوظائف محدودة ما دمنا نواظب على هذه العبادات والسلوكيات يوميا بشكل منتظم. ولذلك جاء في الحديث الذى أخرجه مسلم وأبو داود
أن النبي صل الله عليه وآله وسلم (كان إذا عمل عملاً أثبته) فتحصيل ولو حسنة واحدة كل يوم يتراكم ليصل إلى ثلاثين حسنة في الشهر، ثم إلى (٣٦٥) حسنة في السنة، وهكذا يراكم التكرار الحسنات، ولا يأتي التكرار إلا بالمواظبة على مقادير محددة من الطاعات، كأوراد أو وظائف ثابتة، تسهل لتفرق مواعيدها كـ(أذكار ما بعد الصلوات، وفي الصباح والمساء والنوم واليقظة، وورد القرآن اليومي ورواتب الصلوات الخمس وهكذا..) وتكثر لتكرارها يوميًا فشهريا فسنويا
○•تعلمنا أن الخوف من إفلات فرص المغفرة والعتق من النار وفوات ليلة بدون عبادة مناسبة (قيام وذكر ودعاء وتلاوة)، والحرص على نيل قسط ما من هذه العبادات كل ليلة هو مفتاح الإمساك بفرص التقرب إلى الله، والسعي لنيل رضاه قبل أن تتبخر أيامنا وأوقاتنا، ويباغتنا انتهاء العمر كانتهاء رمضان دون أن نغتنم الفرص المواتية للتقرب إلى الله.
○•تعلمنا أن محاسبة أنفسنا يوم بيوم هو قيد جيد يمنع الفرص من الانفلات؛ لأننا نراقب انتهازنا أو إضاعتنا للفرص كل يوم فنستدرك ما يفوت ونترقب ما يأتي..
○•تعلمنا أن صحبة الصالحين لإقامة الصلواة والمواظبة على الأعمال الصالحة هي باب من أبواب العون على المواظبة على العمل الصالح، كما كان الاجتماع على صلاة التراويح والتهجد وحلقات تلاوة القرآن، أو تعلم أحكام التلاوة محفزًا على المواظبة على العمل الصالح، وعدم إفلات فرص اغتنام أيام المغفرة والعتق من النار. تعلمنا أن الصبر خلق مهم بدونه لا يمكن القيام بالعمل الصالح، والمواظبة عليه حتى إتمامه على أحسن وجه.
○• تعلمنا أن العزيمة والحزم سمتان لا بد منهما للبدء بأي عمل صالح وإتمامه والمواظبة عليه. ○•تعلمنا أن توفيق الله هو الفيصل في كل عمل فلا حركة ولا سكون إلا بتوفيق الله تعالى للمرء، فبلا توفيق لن نعمل عملًا صالحًا، ولن نواظب علي عمل صالح (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا . وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا)
ولا سبيل لاستجلاب التوفيق من الله تعالى سوى التضرع إليه سبحانه ودعائه كي يعيننا ويوفقنا، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أكثر دعائه (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) فقيل له في ذلك؟ قال (إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين إصبعين من أصابع الله فمن شاء أقام ومن شاء أزاغ) ،وقال صلى الله عليه وآله وسلم (يا معاذ! والله إني لأحبك، أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك)