مقالات

الحب والكراهية وعلاقتهما بالمواقف

 

بقلمي : جمال القاضي

يجتمع البشر مع غيرهم بعلاقات من الكراهية والمحبة ، من الأشخاص الذين هم في محيطهم العقلي إو الخيالي ، البيئي أو الجغرافي ، المحدود والامحدود ، علاقات تختلف قوتها ودرجتها بين البشر ، تجد من يحب شخص ما رغم أن غيره يكره هذا الشخص ، تجد من يكره انسان وغيره يتعلق به ،

بعضهم حين تنظر إليه تظن أنهما من شدة هذا التعلق والحب ، تشعر وكأنهما إخوة أشقاء لكن من أرحام مختلفة ، لايمكن لطرف منهما أن يستغنى عن الآخر ولو للحظه ، بإي مشكله تحدث لأحدهما تجد كلاهما سويا فيها ، أي لحظة فرح يسرعان بالإجتماع فيها وحولها للإستمتاع بلحظتها ، هذا شيء جميل وطبيعي .

ناس غير ذلك النوع متخلفين تماما ، الكره في أعينهم يظهر حينما يذهب الغير سهوا بنطق إسم شخص ما أمامهم ، ترى لوجوههم حمرة غيظ وشرارة حقد ، يتمنى إن يأتي يوم تشرق فيه الشمس يتخفوا من أمامه ، أي طريق قد يمشو ن فيه ،يسلكون هم طريقا غيره مختلفا عن طريقم ، هذا الأمر أمرا شيء طبيعيا وعاديا ولايحمل مشكلة ،لأن الحب والكره صفات وطباع ليست بإيدينا للتحكم فيها ، وهي مشاعر نابعة من القلب ، والقلوب بين إصبعي من أصابع الرحمن يقلبها كيفما يشاء .

لكن السؤال الغريب والمثير هو : لماذا نرى أشخاص كانوا اصدقاء ومحبين بالأمس ثم ذهب كل منهما يكره الآخر ؟ لماذا تحولت هذه العلاقة من حب شديد لكره شديد ؟

وعلى النقيض وفي الإتجاه المعاكس
سؤال آخر يطرح نفسه وهو : كيف تحولت علاقة الكره بين شخصين إلى علاقة محبة للدرجة التي لايمكن فيها لطرف أن يستغنى عن الآخر رغم أنهما كانا أعداء” بالأمس القريب ؟ حقا شيء محير ، قد يبدو كذلك في الظاهر.

وللإجابة عن هاذين السؤالين السابقين علينا أن نتعرف عن مايحدث في النفس البشرية لتتحول تحولا غريبا ومفاجئا على غير المعتاد لها،

الكثير منا يمر يوميا بمواقف ، منها ماهو بسيط لايستدعي المساعدة من أحد ، ومنها ماهو صادم للنفس ولاتقوى لتحمله ، مواقف حزينة جدا لشخص ما يتعرض إليها ،

هؤلاء الأشخاص نوعان : الأول ليس لديه القدرة على الإستيعاب والتفكير لإحتواء الموقف والتعامل معه ، فيقف أمامه عاجزا ،كغريق يبحث في وسط البحار على قشة يتمسك بها لترسو به إلى الشاطئ ، فيطلب النجدة والمساعدة من أصدقائه إو تجد منهم من يكون بجانبه ليأخذ بيديه ، فينجح في عبور الأزمة بمساعدتهم دون خسرانهم أو كراهيتهم وربما تزداد محبته لهم .

أما النوع الثاني فهو النوع العنيد ، يرى الموج طريقا يعبر من فوقه ، ويرى السراب انهارا عذبة تروي ظمأه ، فيبحر دون مجداف ،ويمضي بطريقه دون معرفة منه أين ينتهي به الطريق ، أحباؤه وأصدقاؤه يرونه من على الشاطئ يغرق ، وهو يرى نفسه يغرق ويعاند ويكابر في طلب المساعدة ، ربما أراد أن يعاقب نفسه على فشله في عدم تعلمه السباحة في بحور المشكلات ، وحين يتدخل الغير ممن يحبهم في مساعدته لحل تلك المشكلة التي تواجهه ، يشعر بفقدان تقته بنفسه لأن عجز عن حل هذه المشكلة وأتى غيره ليحلها ببساطة وسهوله ، فيكرهها وينسحب كرهه إلى كل من أتى للوقوف بجانبه ومساعدته ، ليتحول الحب إلى كره شديد وتنعكس المشاعر.

لكن كيف تتحول علاقة الكراهية إلى علاقة محبة ؟

كتير من الأحيان تمر بلحظات تفقد فيها كل من تحب ، تبقى وحيدا ، تتعرض كما يتعرض غيرك لمواقف ، تكره غيرك لأنك قد لاتفهمه ، قد يكون من تكرهه طيبا ومحبوبا في الأساس ، تصادفك مواقف تجد نفسك في حاجه لغيرك ، يبتعد عنك كل الناس ليأتى مسرعا هذا الذي تكرهه ليساعدتك ، دون طلب المساعدة منه ، ليصبح هناك نوعا من العتاب النفسي على لما كان مني هذا الكره له ، فتتحول تلك المشاعر من الكراهية إلى مشاعر محبة ،

أو قد يكون من تكرهه بدون أسباب ، إو الكره لسبب تافه لايستحق ، وهو انه يحمل أحد الصفات الخفية من صفاتك التي تكرهها ، فأنت تراه في نظرك الجانب المظلم لنفسك والذي لم تكن ترغب في أن تراه ظاهر أمام عينيك في تجسدات لشخص آخر ، فهو صورة مصغرة للجانب الخفي من شخصيتك والذي تكرهه ، ورغم أن هذه الصفات التى تراها بنظرك صفة سيئة إلا أنها قد تكون غير ذلك في أشخاص حول هذا الذي تكرهه أنت .

وأخيرا ليست كل الصفات أو الأشياء ثابتة فمن تحبه اليوم قد تكرهه غدا ومن تكرهه اليوم قد يصبح شخصا لايمكنك الإستغناء عنه ، وقد تحب صفه في نفسك وغدا تكرهها لأنها من صفاتك وهكذا فكل شيء قابل للتغير إلا الثوابت التي ذكرها الله من الموت والبعث والقيامة والساعه والحساب والأجل وغيرها من الثوابت .

بقلم جمال القاضي

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock