فى طريق المعرفه ومع علم الحروف ” الجزء الرابع “

إعداد / محمـــد الدكـــرورى

ونكمل الجزء الرابع مع علم الحروف، وهو العلم الذى يصل إليه فى زماننا هذا صاحب الفنجان وقراءة الكف ورمي الودع وضرب الودع أو الحصى، وكله من تعاطي علم الغيب، وكله باطل، ومنكر ولا صحة له، وهو دجل وكذب وإفتراء، وكونهم يدعون علم الغيب بأشياء أخرى غير هذا كذب، وإنما يعتمدون على ما تقول لهم أصحابهم من الجن، فإن بعضهم يستخدم الجن ويقول ما تقول له الجن، فيصدقون ويكذبون، فإنهم يصدقون في بعض الأشياء التي اطلعوا عليها في بعض البلدان أو استرقوها من السمع، ويكذبون في الغالب والأكثر، ويتحيلون على الناس حتى يأخذوا أموالهم بالباطل، وهكذا الإنس الذين يخدمونهم يكذبون أيضا ويفترون ويقولون هذا كذا وهذا كذا وهم كذبة، إنما يأكلون أموال الناس بالباطل، وإن علم الغيب لا يعلمه إلا الله سبحانه وتعالى، فهذا كله باطل وإن تكرر حدوث ما يخبر به هؤلاء مثل أن يخبروا عن إنسان فعل كذا أو فعل كذا وهم قد شاهدوه في مناطق أخرى، أو أشياء أخبر بها الجن أنها وقعت في بلاد كذا وكذا، أو حدث كذا، أو صار كذا، فهم ينقلون عن الجن أخبارا أدركها الجن في بعض البلدان فأخبروا بها أولياءهم وهذا كله لا صحة له، ولا يحكم بأنهم يعلمون الغيب أبدا، وإن علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى، لكن هناك أمور تقع في بعض البلدان فينقلها الجن بعضهم إلى بعض.

أو شيء يسمع من السماء، يسمعونه من الملائكة، إذا استرقوا السمع إلى السماء، فينقلونه إلى أوليائهم من الإنس، فقد تكون حقا فيقع ويظن الناس أن كل ما فعلوا وقالوا صحيح، ويكذبون مع ذلك الكذب الكثير كما في الحديث الشريف ” إنهم يكذبون معها مائة كذبة ” والبعض منهم يكذب أكثر من مائة كذبة فلا يلتفت إليهم، لأن عمدتهم الكذب، وتعاطي الباطل والقول بغير علم، وإن الجن كالإنس فيهم الكافر وفيهم المبتدع وفيهم الفاسق وفيهم الطيب، فالفساق للفساق، والكفار للكفار، والطيبون للطيبين، فالجن الذين يكذبون لبعض شياطين الإنس بإخبارهم ببعض المغيبات التي سمعوها من السماء، أو سمعوها من بعض البلدان، هؤلاء يفعلون ذلك، لأنهم خدموهم بعبادتهم من دون الله والذبح لهم ونحو ذلك، فالجن يخدمونهم بهذه الأخبار وهذه الآثار التي يكذبون فيها، وقد يصدقون في الشيء القليل، فيظنهم الناس صادقين في البقية، وأما حكم قارئ الفنجان الذى لا يعرف أنه على حق أو على باطل؟ مع العلم أن ما يقوله لمن يستمع إليه أغلبه صحيح، وقد أخبر ذات مرة أن صلاته غير مقبولة لمدة أربعين يوما، لكنه غير مقتنع ولكنه يريد معرفة حكم هذا العمل وما هو كفارته؟ سواء كان رجلا أو إمرأة ؟ فإن الجواب هو أولا، أنه لا يعلم الغيب إلا الله، فقال الله تعالى ” قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله وما يشعرون أيان يبعثون”

وقد أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم، وهو أشرف الخلق أن يقول ” لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب” وأن يقول ” لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء” وكذلك الجن لا يعلمون الغيب كما قال سبحانه في قصة نبيه سليمان عليه السلام ” فلما خرّ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين ” وثانيا إن الكاهن مسلما كان أو كتابيا وهو من يدّعي معرفة الغيب من ضارب بالحصى أو الودع أو ناظر في النجوم أو خاط في الرمل أو قارئ للفنجان أو من له اتصال ببعض الجن الذين يخبرونه ببعض المغيبات، وهذا الكاهن يمارس حراما بادعائه علم الغيب لأنه معارض لقول الله تعالى في القرآن الكريم ” قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله ” وقوله سبحانه وتعالى ” عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا إلا من ارتضى من رسول ” وثالثا وقد حرّمت الشريعة الإسلامية إتيان هؤلاء الكهان أو الجلوس إليهم أو تصديقهم فيما يدّعون فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” من أتى كاهنا أو عرافا فسأله فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ” ولما سأل معاوية بن الحكم رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم عن الكهان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” ليسوا بشيء ”

فقال معاوية إنهم يخبروننا بالشيء أحيانا فيكون حقا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” تلك الكلمة يخطفها الجني فيلقيها إلى وليه من الكهان قبل أن يدركه الشهاب فيخلط معها مائة كذبة ” رواه مسلم، وإنه ينبغي إعلام من يعمل هذا بأن كسبه خبيث لقول النبي صلى الله عليه وسلم ” مهر البغي خبيث، وحلوان الكاهن خبيث، وثمن الكلب خبيث” رواه أحمد، وكذلك يحرم موالاة هؤلاء الكهان أو تعظيمهم أو البشاشة في وجوههم ومن وقع في شيء من ذلك لزمته التوبة النصوح، والواجب الشرعي يحتم البراءة منهم وهجرهم وتحذير الناس من شرهم وبيان حكم الشرع فيهم، لقوله تعالى ” لا تجد قوماً يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ” وقوله تعالى ” لا تتخذوا الذين اتخذوا دينكم هزوا ولعبا من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم والكفار أولياء ” والله تعالى أعلى وأعلم، وإن من بعض اسرار علم الحرف والارقام، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” كل مافي الكتب السماوية في القرآن وكل مافي القرآن في الفاتحة وكل مافي الفاتحة في البسملة، وكل مافي البسملة في الباء وكل ما في الباء في النقطة . ” فالنقطة هي اصل الوجود والسبب في كل موجود فافهم ايها النبيه ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “اول ما خلق الله النور فخلق منه القلم الاعلي واللوح المحفوظ.

وقال له اكتب ياقلم فقال القلم ما اكتب يارب، فقال اكتب ما كان وما يكون وما سيكون الي يوم القيامة فكتب القلم واول ماكتب النقطة, فسالت النقطة فكان الالف، فخلق منه باقي الاحرف وخلق الله من الحروف الكلمات ثم خلق من الكلمات الاكوان بكلمة كن، فإذا رجعنا الي الاصل، لوجدنا أن النقطة هي الاصل ثم يتبعها الحروف في السر، واعلم بان كل حرف من الاحرف له عوالم تحته لايحصيها الا الله فهناك عالم الكاف وعالم النون، فكل تلك العوالم خاضعه لذلك المقدس سره من الله تعالى والساري مدده في الكل والجزء وكل تلك العوالم من الاملاك، وهم خلق من الاطياف ولهم من التصاريف العجائب حيث علمهم ما قال الله عنه “علم من الكتاب” اي كانه كتاب، اي قرآن من حيث سره الساري، وعندما نتكلم نقول كلمات والكلمات احرف والاحرف لها املاك، فإذا تكلمت بمحبه لشخص اي كلام جميل، فإنك قمت بتجميع احرف لها خواص محبه فتهيج الاملاك المحبه بسر الاحرف، واذا تكلمت بسوء يكون العكس تثور الروحانية للاحرف المعتمة فتكون بينكم العداوة والبغضاء فاعلم هذا السر, ومنه بدء التصريف بسر الاحرف، وإعلم أن الأحرف ثمانى وعشرين حرف وقد زاد بعضهم تسعة وعشرين بحرف اللام الف، ولكن الحكم للثمانى والعشرين والمنازل للثمانى والعشرين.

فأحكم الله تعالى كل حرف علي كل منزلة وهم الشرطين البطين الثريا، فاحاطت الاحرف بالكون فقسمها الي اربعه لتعدد الموجودات فكانت النار والهواء والماء والتراب، وجعل لكل عنصر سبعة احرف بسبعه درجات وقوي، ثم انه قسم الحق الأحرف الي قسمين احرف النور واحرف الظلمة، فنزع احرف الظلمة من سورة الفاتحة لكونها تجمع الكل والكل نور فلا تجد ظلمة ابدا في النور، وأحرف الظلمة سبعة ف ج ش ث ظ خ ز، ولا تجد اي حرف منهم في سورة الفاتحة لذلك يسميها البعض، سواقط الفاتحة، والحق تبارك وتعالي اقسم ببعض الاحرف في كتابة الكريم، حيث انه أغلق خزائنه بشفرة وجعل تلك الشفرة كهيعص حمعسق، الا تري انك اذا جمعت احرف ” الر، حم، ن ” لوجدت انه اسم الرحمن ” قل أدعوا الله أو أدعوا الرحمن ” وقال بعضهم انه الاسم الاعظم، وقال الحسن بن علي رضي الله عنهما ” لو احسن الناس ترتيب الاحرف المقطعه لعلموا اسم الله الاعظم ” ومن فتح الله تعالى له مدد من حرف او اسم منهم لعلم مالم يعلم، وقال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى ” كهيعص ” لو فسرتها لكم لمشيتم علي الماء وما ابتلت اقدامكم، ثم ان الحق عز وجل خلق من الالف, حيث ان الالف ليست حرف ولا رقم ولكن منها الكل خلق فافهم هذا السر، فكان الواحد، حتي التسعه.

وهم الذين يجمعهم الوفق المثلث، وهو الاصل الاول منذ بدء الخليقة من عهد آدم عليه السلام، واذا نظرت لعدده لوجدته خمسة وأربعين وهو من تجفير الاعداد الاصلية لهذا هو الاصل فجمع التسعه الاصول الاوائل، فصار منه الكل وصار هو الاصل حيث قال عنه آصف رضي الله عنه انظر الي هذا الوفق الصغير كيف سري مددة في الاكوان جمعا والكل والجزء فهو الاب للكل، وعندما تم توظيفة علي الوفقية ليتم التوافق بين اركانة وهو العدل الرباني علي الوجود، أن الله لا يظلم مثقال ذرة، فانطلقت منه احرف ” بطد زهج واح ” وصار حكمها علي الاكوان جمعا لهذا نري بعض الاولياء من اهل الكشف في احزابة، هو اللهم بحق ” بطد زهج واح ” فهو يدعوا الله تعالى بكل ما خلقه، وإذا استخرجنا من تلك الاحرف اسماء لخرج لنا أربعة اسماء ليس هناك غيرها واحد احد واجد جواد وتلك الاسماء اسماء ذاتية، وكأن الحق سبحانه وتعالى يقول الذات للصفات كالكل للبعض كالجلد للجسم، ثم اعلم أن استدلالك على صحة شيء أو جوازه بفعل بعض الناس له طريقة باطلة في الاستدلال، فقال الإمام علي بن أبي طالب رضى الله عنه الحق لا يعرف بالرجال، أعرف الحق تعرف أهله ” وأخيرا عليك بالعلم الذي ينفعك في الآخرة، وتأمل قول الإمام الذهبي نسأل الله علما نافعا، تدري ما العلم النافع؟

هو ما نزل به القرآن وفسره الرسول صلى الله عليه وسلم قولا وفعلا ولم يأت نهي عنه، فقال صلى الله عليه وسلم ” من رغب عن سنتي فليس مني” فعليك بتدبر كتاب الله، وبإدمان النظر في الصحيحين وسنن النسائي ورياض النووي وأذكاره، تفلح وتنجح، وإياك وآراء عباد الفلاسفة، ووظائف أهل الرياضات، وجوع الرهبان، وخطاب طيش رؤوس أصحاب الخلوات، فكل الخير في متابعة الحنيفية السمحة فواغوثاه بالله، اللهم اهدنا إلى صراطك المستقيم.