سبل تطوير تكنولوجيا منظومة الرى و الفائض لزراعة الأراضى الصحراوية،
كتبت شيماء نعمان
تكمن عادة اى مشكلة تطفو وتظهر على سطح الأحداث بأثارها الكبيرة وعواقبها الوخيمة على تعود الجميع على الأساليب التقليدية القديمة والعتيقة الطراز فى النظام المعتاد لتسيير الأعمال فى أى من المجالات أو الأنشطة حتى ولو كانت على مستوى عمل يصل إلى أحد الوزارات الحكومية وهذا ليس عيباً فى طباع المصريين بل إنه يعتبر السبب الأهم والحافز الحقيقى الذى يدعونا للتطور
إلى ما هو أحسن وأفضل ويجعل من هذه المحنة طريقاً و سبيلاً إلى جنى المنحة مستقبلاً بإذن الله .
ومن هذه المشاكل الكبيرة التى بدأت بالظهور منذ عدة سنوات مضت هى مشكلة عدم وصول مياه الرى الكافية لنهايات بعض الترع و الأراضي التى تقع عليها وتروى منها نتيجة الإستخدام والإستنزاف الجائر لمصادر مياه الرى عند بداياتها وعدم
إتباع وتنفيذ الخطط الموضوعة من وزارة الرى بالشكل المناسب لضمان
التصريف والتوزيع الأمثل لكل قطرة مياه مخزنة وراء السد العالى حتى يتم وصول مياه الرى بشكل متساوى
لكل الأراضى الزراعية فى مصر .
فبالرغم من كل الجهود التى تبذلها وزارة الرى فى هذا الشأن، إلا أن مشكلة نقص مياه الرى تعتبر أكبر المشاكل عند الفلاحين فى بعض محافظات الجمهورية خاصة فى نهايات الترع فى موسم الزراعة الصيفية تحديداً بسبب كثرة المساحات المنزرعة بالأرز و التى تستنزف مواردنا المائية بشكل كبير .
ومن أجل تحقيق هذا الهدف ظهر مشروع تطوير الرى الحقلى المطور بالتنسيق بين وزارتى الزراعة والرى
الذى يهدف إلى إستخدام أساليب الرى الحديثة كالرى بالرش والتنقيط بدلاً من الغمر لرفع كفاءة الرى لاراضى ٥ مليون فدان بالوادى والدلتا وتحسين جودة التربة للتوسع فى إستصلاح المزيد من الأراضى الصحراوية الجديدة من خلال تغطية المراوى والمساقى والفتحات وإستبدالها بمواسير مختلفة الأقطار داخل الحقول لضمان عدم نفاذية المياه فى التربة وأيضا لعدم تبخرها فى الهواء ، ولكن هذا المشروع يجب أن تتحقق له بعض العوامل المساعدة على تنفيذه و التى يجب أن تتضافر مع بعض المساعى الأخرى حتى نصل إلى الهدف الأسمى وهو ضمان وصول وكفاية الموارد المائية الحالية لكل الأراضى الزراعية فى مصر حالياً دون أن يؤدى ذلك إلى إنخفاض مستوى المياه بالبحيرات والمجارى الرئيسية النيل حتى نهاية فرعى دمياط و رشيد مع ترشيد الاستخدام بالشكل الذى يسمح أيضا بزراعة أراضى صحراوية جديدة بنفس الموارد المائية المتاحة حتى ولو نقصت قليلا ، وذلك من خلال إتباع هذه الخطوات والإستراتيجيات الجديدة ، وهى على النحو التالى : –
أولاً /تطوير منظومة تصريف وتوزيع المياه بدءا من بحيرة السد العالى مرورا بالمجرى الرئيسى للنيل بالصعيد حتى فرعى دمياط ورشيد وحتى نهايات جميع الترع والمجارى المائية التى تروى جميع الأراضى المصرية من خلال إستخدام التكنولوجيا الحديثة لتوفير المعلومات من خلال أجهزة لقياس منسوب إرتفاع المياه من الفروع الرئيسية إلى الترع الفرعية أى قبل وبعد بوابات الترع كذلك مراقبة منسوب الإرتفاع على طول المجرى الرئيسى للتأكد من تنفيذ خطة التوزيع المعتمدة من الوزارة والتأكد من سيرها على الوجه الصحيح نظراً لما بدأ يظهر للجميع من حالة الإهمال الواضح نتيجة الإعتماد على عدد من الموظفين فقط وعدم وجود آلية ناجحة للرقابة على تنفيذها وذلك حتى تكون هذه المنظومة مراقبة بشكل الكترونى كما هو الحال فى غرف عمليات وزارة الداخلية للسيطرة على الأزمات المرورية لذلك يجب إنشاء ما يشبه غرف العمليات بالوزارات للتحكم والسيطرة حيث أن مياه الرى من النيل تستحق منا جميعا مثل هذه العنايه الفائقة نظراً لأهمية محور الأمن المائى لقطاع الزراعة المصرى .
ثانياً / تطبيق نظام جديد للزراعات التعاقدية كنظام بديل يحد من غياب نظام الدورة الزراعية وذلك للتحكم ولو قليلا فى أنواع المحاصيل التى يتم زراعتها فى كل حوض زراعى طبقا للخطة والدورة الزراعية الموضوعة من جانب وزارة الزراعة للتنفيذ .
ثالثاً / أن يتم إصدار قرار وزارى أو بعض التعليمات اللازمة إلى كل إدارة او جمعية زراعية مفادها أن شرط الحصول على جميع الخدمات المقدمة من خلال الجمعيات الزراعية سواء كانت من البذور او التقاوى أو الأسمدة المقررة لكل حيازة زراعية فى المستقبل هى الالتزام بالدورة الزراعية المقررة للحوض الزراعى التى تقع أراضيهم به وإلا سوف يتم الحرمان من الإستفادة من هذه الخدمات طالما ظلت حالة المخالفة للدورة الزراعية مستمرة .
رابعاً / العمل على ضمان عملية التطهير الجيد والمستمر للترع والمجارى المائية والمراقبة الدورية على مستويات الانحدار العام لضمان الإنسياب الطبيعى الذى لا يعوق وصول مياه الرى لنهايات الترع والذى قد يحدث به بعض الخلل نتيجة عمليات التطهير المستمرة بالكراكات وهو ما يؤدى بدوره إلى حدوث مشكلة ندرة وصول المياه لنهايات هذه المجارى المائية ، ولذا يجب إجراء مثل هذه القياسات كل ثلاثة أعوام على الأقل للتأكد من جريان المياه بالشكل الأمثل لعمليات رى الأراضى الزراعية .
خامساً / التوسع فى زراعة محصول الأرز الجاف والعمل على إكثار وتوفير كميات كبيرة من التقاوى الخاصة به التى تكفى لزراعة جميع الأراضى المصرية وذلك فى خلال مدة تتراوح بين ٢ – ٣ سنة حتى يمكن مستقبلاً توفير من ٥ – ٧ مليار متر مكعب من مياه النيل كانت تستنزف فى زراعة أنواع الأرز الموجودة حالياً كخطة إستراتيجية مستقبلية تسمح بزراعة مليون فدان صحراوى مستقبلاً .
سادساً / يجب على وزارة الإنتاج الحربى أن تنشىء مستقبلاً وفى أسرع وقت ممكن مصنعا خاصا لإنتاج مستلزمات الرى الحديث سواء الرش أو التنقيط بدءا من جميع أنواع وأقطار المواسير و خراطيم النقاطات وطلمبات ضخ المياه وذلك لضمان أعلى مستوى من الجودة لتركيب مثل هذه الشبكات التى إرتفعت تكلفتها كثيراً كما أكد الأستاذ أيمن الأدغم أن تحرير سعر الصرف وحتى تدعم الدولة إنشاء مثل هذه الشبكات ولو بهامش ربح قليل لها لتوفير كافة مستلزماتها حتى تساعد فى تعميم نظام الرى الحقلى الحديث قدر الإمكان مما يساهم فى تقليل استهلاك وهدر المياه فى نظام الرى بالغمر ، ولكى تتضافر كل هذه الجهود لتحقيق الأهداف المطلوبة .