الدكروري يكتب عن ظهور ثبات قلب المؤمن
بقلم / محمــــد الدكـــروري
الأربعاء الموافق 25 أكتوبر
الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، إن الصحبة فيها معاني سامية فهي للخير، وفي الخير، وعلى الخير ، للخير دائما وفي الخير واقعا وعلى الخير مستقبلا، وقد يكون ذلك محل اتفاق من الجميع قولا أما فعلا فأصناف الناس تختلف، وليست الصحبة أن تجد صاحبك على الشر فتتركه ولا تنهاه مخافة زعله عليك أو جرح إحساسه كلا ينبغي مناصحته في لطف، وليست الصحبة أن تكون في الخير وكفى بل لا بد من الاستمرار عليه والزيادة فيه، وليست الصحبة تهنئة وفرحا وسرورا وكفى بل فيها من تحمل التبعات والمشاق في سبيل جعل الآخر سعيدا في دنياه وآخرته فيقف بجانبه في السراء والضراء.
ويسد عنه حاجته ويحمله على الخير، وتلك المعاني نأخذها من هجرة المصطفى صلى الله عليه وسلم حين ذهب إلى بيت أبي بكر رضي الله عنه فقال الصحبة يا رسول الله، قال “الصحبة” رواه البخاري، ويظهر ثبات القلب المؤمن حين يمضي الأحباب وتتفرق الجموع، ويبقى هو وحيدا غير آبه لغربة أو كربة، فوعد الله أمام عينيه يقين، وتحقيقه قريب، حسبه أن يظل سائرا ثابتا رافضا لكل ما ينال من عزمات قلبه المتوضأ، فالمؤمن في ثباته واحتماله للمكاره ينظر إلى غاية قريبة في نفسه وقلبه، وما دامت في قلبه فإنه سيحرص على أن يقيم على الأرض دعائم راسخة ثابتة للحق، لا تزعزها الرياح الهوجاء، ولا ينال من عليائها الجهلاء والحاقدون، وللثبات فضل علينا جميعا، فلولا رجال حملوا هذا الحق وهذه الدعوة المباركة.
فحفظوها وثبتوا عليها شرعا ومنهاجا ما كانت الأجيال المتتابعة من بعدهم تنعم بصحوة إسلامية رشيدة، وعندما يتزين قلب المؤمن بالإخلاص، وتتجمل جوارحه بالصبر، ويتلألأ بين الآخرين بثبات لا يتزعزع، كان ختام النور الساطع لؤلؤة الرضا، فإن المصائب تكون على وجهين، فتارة إذا أصيب الإنسان تذكر الأجر، واحتسب هذه المصيبة على الله، فيكون فيها فائدتان تكفير الذنوب، وزيادة الحسنات، وتارة يغفل عن هذا فيضيق صدره، ويصيبه ضجر، أو ما أشبه ذلك، ويغفل عن نية احتساب الأجر والثواب على الله، فيكون في ذلك تكفير لسيئاته، إذن هو رابح على كل حال في هذه المصائب التي تأتيه، فإما أن يربح تكفير السيئات وحط الذنوب بدون أن يحصل له أجر، لأنه لم ينو شيئا.
ولم يصبر، ولم يحتسب الأجر، وإما أن يربح شيئين تكفير السيئات، وحصول الثواب من الله عز وجل، كما تقدم، ولهذا ينبغي للإنسان إذا أصيب ولو بشوكة، فليتذكر احتساب الأجر من الله على هذه المصيبة، حتى يؤجر عليها، مع تكفيرها للذنوب، وهذا من نعمة الله سبحانه وتعالى وجوده وكرمه، هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين والحمد لله رب العالمين.
زر الذهاب إلى الأعلى