الدكروري يكتب عن آخر فتنة تعرض على المؤمن
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وهو صلي الله عليه وسلم الذي أحبه صحابته الكرام، وكان دواعي هذا الحب وأسبابه، وأعظمها هو أن هذا الإنسان هو رسول الرحمن صلي الله عليه وسلم وصفوة الإنس والجان، أرسله الله
ليخرجهم من الظلمات الى النور، ويقودهم الى جنة عرضها السموات والأرض، ثم إنهم وجدوا فيه صلى الله عليه وسلم الإمام الذي كملت فضائله وتمّت محاسنه، فقد أسرهم بهذا الخلق العظيم والمذهب الكريم، فوجدوا في قربه واتباعه جنة وارفة من الإيمان، بعد نار تلظى من الكفر والجاهلية، فهو صلي الله عليه وسلم الذي غسل أرواحهم بإذن الله من أوضار الوثنية، وزكّى نفوسهم من آثام الشرك، وطهّر ضمائرهم من لوثة الأصنام، وعلمهم الحياة الكريمة صلي الله عليه وسلم.
وملأ صدورهم سعادة بعد عمر من القلق والاضطراب والغموم والهموم، وبنى صلي الله عليه وسلم في قلوبهم صروح اليقين بعد خراب الشك والريبة والانحراف، فكانوا قبل دعوته صلي الله عليه وسلم كالبهائم السائمة، لا إيمان، ولا أدب ولا صلاة، ولا زكاة، ولا نور، ولا صلاح، حياة مظلمة من عبادة الأصنام وملابسة الفواحش ومعاقرة الخمر وسفك الدماء والسلب والنهب، فليس لهم في الحياة رسالة، وما عندهم عن الله خبر، وما لديهم من أمر الدنيا نبأ، فهم في غيّهم يعمهون، قلوب أقسى من الحجارة، ونفوس أظلم من الليل، وبؤس أشد بشاعة من الموت، فلا عقل محفوظ، ولا دم معصوم، ولا مال حلال، ولا عرض مصان، ولا نفوس راضية، ولا أخلاق قويمة، ولا مجتمع يحترم الفضيلة، ولا شعب يحمي المبادئ.
فلما أراد الله إنقاذ هذه البشرية وإسعادها وصلاحها وفلاحها بعث محمدا صلى الله عليه وسلم، فكأن الناس ولدوا من جديد، وكأن وجه الدنيا تغير، وكأن الأرض لبست ثوبا آخر، فالوحي يتنزل على هذا الإمام من لدن لطيف خبير، وجبريل يغدو ويروح بشريعة نسخت الشرائع، فيها سعادة العباد، وصلاح البشر، وعمارة الأرض، فمسجد يبنى، ورقبة تعتق، وصدر يعمر، وجسد يطهر، وصلاة تؤدى، ومصحف يتلى، وآية تفسّر، وحديث يشرح، وراية تعقد، وحضارة تبنى، وأمة تحرّر، فميلاد الإنسان الميلاد الثاني هو يوم اتبع هذا الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، واقتدى بهذا النبي الأمي، وسعادة العبد إنما هي في الاهتداء بهدي هذا الإمام المعصوم صلى الله عليه وسلم لأنه الوحيد من الناس الذي يدور معه الحق حيثما دار.
فعلى قوله صلى الله عليه وسلم تعرض الأقوال، وعلى فعله توزن الأفعال، وعلى حاله تقاس الأحوال ” وإنك لتهدي الى صراط مستقيم” فاللهم صلي وسلم وبارك عليك يا سيدي يا رسول الله أما بعد فإنه ينبغي علينا أن نتوب الله عز وجل ونعمل من الصالحات، فعن السيدة عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تفطر رجلاه، قالت عائشة يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال “يا عائشة أفلا أكون عبدا شكورا” وكان هذا السؤال من السيدة عائشة رضى الله عنها عن حكمة التشمر والدأب في الطاعة، وهو مغفور له، فبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه فعل ذلك شكرا لله عز وجل.
فإنه الاختبار الذي قال عنه النبى صلى الله عليه وسلم في “صحيح البخاري ومسلم” من حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها ” ولقد أوحي إلي أنكم تفتنون فى قبوركم مثل أو قريبا من فتنة المسيح الدجال” وفي هذا الامتحان يُسأل العبد عن ثلاثة أسئلة، فقول النبي صلى الله عليه وسلم عن المؤمن وتعرضه للفتنة في القبر فقال “فيأتيه ملكان شديدا الانتهار، فينتهرانه ويجلسانه، فيقولان له مَن ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ وهي آخر فتنة تعرض على المؤمن.
زر الذهاب إلى الأعلى