إن الله عز وجل هو الحكيم الخبير فعلم أن النفس قد تثور فيها أحيانا وفي أجواء الخلاف مشاعر الكراهية، فيجد الشيطان ضالته المنشودة لهدم كيان الأسرة، فكان التوجيه القرآني لتنقية المشاعر وليعود للحياة صفاؤها، وللأسرة بهاؤها، فقال الله تعالى ” وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن فعسي أن تكرهوا شيئا ويجعل الله فيه خيرا كثيرا” ولذلك قال الإمام ابن كثير في تفسيره لهذه الآية “أي فعسى أن يكون صبركم في إمساكهن مع الكراهية فيه خير كثير لكم في الدنيا والآخرة” وقد يجني الجاهل على نفسه، ويدمر حياته بطوعه واختياره، حين يستبدل المحبة والمودة والرحمة بالعناد والتحدي، وهذا نذير شؤم، وبداية تصدع، ولا يدمر الأسرة شيء كما يدمرها العناد والتحدي.
فالخلافات الصغيرة تصبح بالعناد كبيرة، والخلافات الكبيرة تغدو باللين والصبر صغيرة، وكم نسمع ونشاهد تصدع أسر وهي في مهدها، ولما يكتمل نباؤها، نتيجة لهذه الاعتبارات، ولعلنا نتحدث عن نقاط جوهرية يجب على المسلم المنصف المتبع للحق أن يعيها ويعمل بها وإلا فإنه سيقع في الظلم لامحالة ومن هذه النقاط هو معرفة قدر المرأة ومكانتها في الإسلام، وحرية المرأة في اختيار الزوج بضوابطه الشرعية، فالمرأة لها الحرية في اختيار الزوج المناسب لها ممن ترضاه ويرضاه أهلها ممن تميز بصفات الدين والأخلاق وحسن السيرة والبعد عن المعاصي والذنوب والفسق والإجرام، فتمنع المرأة من الزواج بتارك الصلاة لكفره وتمنع من المصر على بعض المحرمات كشارب المسكرات والمخدرات.
والدخان والمعروف بالإنحراف الخلقي والجنسي، كسيء الأخلاق والمعروف عنه شدة في طبعه، من ضرب وسوء كلام وصاحب الزنا واللواط وغير ذلك من الأمور المحرمة شرعا، ففي مثل ذلك لايترك لها الخيار والحرية بل تمنع منه منعا حتى لا تورد نفسها المهالك بعد ذلك فتتحطم حياتها الزوجية والعائلية بسبب الاختيار السيئ للزوج، فعن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “كلكم راع ومسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسؤول عن رعيته، والمرأة في بيت زوجها راعية وهي مسؤولة عن رعيتها، والخادم في مال سيده راع وهو مسؤول عن رعيته” قال فسمعت هؤلاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم” رواه البخاري ومسلم.
وتنبثق أهمية الأسرة في المجتمع من كونها مؤسسة اجتماعية، فتكوين الأسرة ضرورة حتمية لبقاء الجنس البشري ودوام الوجود الاجتماعي، وتتجلى أهمية النظام الأسري في المجتمع في أنه تعتبر الأسرة الخلية الأولى التي يتكون منها المجتمع، وهي أساس الاستقرار في الحياة الاجتماعية، وكما تعتبر نشأة الأسرة وتطورها ثمرة من ثمرات الحياة الاجتماعية، وكما تعتبر الأسرة الإطار العام الذي يحدد تصرفات أفرادها فهي التي تشكل حياتهم، فهي مصدر العادات، والأعراف، والتقاليد، وقواعد السلوك، وعليها تقوم عملية التنشئة الاجتماعية، ولكل أسرة بعض الخصائص الثقافية الخاصة، حيث تؤثر الأسرة فيما عداها من النظم الاجتماعية الأخرى وتتأثر فيها، فإن صلحت صلح المجتمع ككل وإن فسدت فسد المجتمع ككل.