الدكرورى يكتب عن إبتلاء الصحابة أهل النهروان
بقلم / محمـــد الدكــــروري
من آثر حب الله تعالي على حب ماله وأهله وولده وخاف من مقام ربه أشد من خوفه من غضبه أهله وولده فليبشر بالأجر العظيم، أي من صبر وصابر وثبت فله عند الله أجر عظيم، وقد روى أبو موسى الأشعري رضي الله عنه، أن عثمان بن عفان رضي الله عنه أستأذن

بالدخول على النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم، لأبي موسى ” ائذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه ” فقال أبو موسى، فجئته فقلت له أدخل وبشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة على بلوى تصيبك” رواه البخارى ومسلم، وفي رواية قال أبو موسى، فذهبت فإذا هو عثمان بن عفان، قال ففتحت وبشرته بالجنة، قال وقلت الذي قال، فقال اللهم صبرا أو الله المستعان.
وفي رواية أخرى أن عثمان رضي الله عنه، حمد الله تعالى ثم قال الله المستعان، وهذه البلوى التي أخبره بها النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم أصابته في آخر حياته رضي الله عنه، وهو شيخ قد بلغ من الكبر عتيا، وتحمل من أمور الأمة ما تحمل، فقابل بلواه بثبات عجيب، وصبر جميل، فلم يتزحزح عن إيمانه، ولا جزع من مصابه، فرضي الله عنه وأرضاه، وجعل دار الخلد مأواه، وقيل أن هناك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين شاركوا أهل النهروان انفصالهم عن الإمام علي بن طالب، ونجد أسماء بعضهم تتصدر قائمة الذين كان لهم دور بارز في الإلحاح على الإمام علي بن أبى طالب بالتراجع عن التحكيم، ثم الاعتزال إلى النهروان، وعن ابن عباس رضي الله عنهما.
أنه لما جاء من عند معاوية بن أبى سفيان في أمر الحكمين ناقشه عدة رجال في مسألة التحكيم وهم يستدلون عليه من كتاب الله، وإن الصحابة الذين تتفق عليهم معظم المصادر، فقد حفظت لنا كتب التاريخ أعدادا كبيرة من الصحابة كانوا في جيش الإمام علي في صفين، ولا يعرف مصير كل واحد منهم إلا ما ثبت عن بعضهم من مقتله في صفين أو بقائه إلى فترة متأخرة من الزمن، ولهذا فمن المستبعد جدا أن تكون معركة صفين قد أسفرت عن مقتل كل الصحابة الذين شاركوا فيها ممن ليس له ذكر بعدها، وهذا ما تؤكده رواية خليفة بن خياط عن عبد الرحمن بن أبزى، قال “شهدنا مع علي ثمانى مائة ممن بايع بيعة الرضوان، قتل منا ثلاثة وستون” وفي رواية “ثلاثمائة وستون”
على أنه يروى أن عدد الصحابة الذين توفي النبي صلى الله عليه وسلم، عنهم يقدر بأكثر من مائة ألف، ولا يخفى أن عدد الصحابة المذكورة أسماؤهم بعد صفين في جهة الإمام علي أو في جهة معاوية بن أبى سفيان يقترب مع عدد المذكورين في الجهة المعارضة للتحكيم، والتفاوت في الوجود الحقيقي للصحابة يكون بين جهة معاوية وبين الجهات المقابلة لما سبق من أن معظم الصحابة الموجودين يومئذ كانوا في جيش علي في صفين، وكان من الصحابة الذين ورد ذكرهم في أهل النهروان ومعارضي التحكيم فهم، زيد بن حصن أو حصين الطائي، وقد ذكره عدد من المؤرخين ضمن أهل النهروان، وعده كل من أبي المؤثر والبرّادي من الصحابة، وقد ذكره الهيثم بن عدي من أنه كان عامل عمر بن الخطاب على حدود الكوفة.
وكان منهم حرقوص بن زهير السعدي التميمي، وقد ذكره عدد من أهل التاريخ فيمن قتل في أهل النهروان، ولكن يفهم مما نقله ابن حجر عن الهيثم بن عدي، أن الخوارج تزعم أن حرقوصا من الصحابة وأنه قتل يوم النهروان، وقال الهيثم “فسألت عن ذلك فلم أجد أحدا يعرفه” ويفهم من ذلك أن حرقوص بن زهير هذا غير حرقوص المقتول بالنهروان، وعليه فقد ذكر ابن حجر ثمة حرقوصا آخر هو العنبري.
زر الذهاب إلى الأعلى