الدكروري يكتب عن ضيف كريم عزيز قارب الزوال
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن صيام وقيام شهر رمضان، فاتقوا الله تعالى، وفكروا في أمركم ماذا عملتم في شهركم الكريم، فإنه ضيف كريم قارب الزوال، وأوشك على
الانتهاء والارتحال، وسيكون شاهدا لكم، أو عليكم بما أودعتموه من الأعمال، فابتدروا أيها المسلمون ما بقي منه بصالح الأعمال والتوبة إلى الله والاستغفار لعل ذلك يجبر ما حصل من التفريط والاهمال لقد كانت أيام هذا الشهر الكريم معمورة بالصيام والذكر والقرآن، ولياليه منيرة بالصلاة والقيام وأحوال المتقين فيه على ما ينبغي، ويرام، فمضت تلك الأيام الغرر، وتلك الليالي الدرر كالساعة من نهار، فيا أسفا على تلك الليالي والأيام لقد مضت أوقات شهرنا سراعا، وكان كثير منها في التفريط مضاعا، فنسأل الله تعالى أن يخلف علينا ما مضى منها.
وأن يبارك لنا فيما بقي منها، وأن يختم لنا شهرنا بالعفو والغفران والقبول والعتق من النار وبلوغ المأمول، وأن يعيد أمثاله علينا في خير وأمن وإيمان، ولقد شرع لنا ربنا الكريم في ختام هذا الشهر عبادات جليلة يزداد بها إيماننا، وتكمل بها عباداتنا، وتتم بها علينا نعمة ربنا شرع لنا ربنا في ختام هذا الشهر زكاة الفطر والتكبير وصلاة العيد، فأما زكاة الفطر فهي صاع من طعام صاع من البر أو الرز أو التمر أو غيرها من قوت الآدميين، قال أبو سعيد رضي الله عنه فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر صاعا من طعام، وكلما كان من هذه الأصناف أطيب وأنفع للفقراء، فهو أفضل وأعظم أجرا، فطيبوا بها نفسا، وأخرجوها من أطيب ما تجدون، فلن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون.
وهي ولله الحمد قدر بسيط لا يجب في السنة إلا مرة واحدة، فكيف لا يحرص الإنسان على اختيار الأطيب مع أنه الأفضل عند الله وأكثر أجرا، ويجوز للإنسان أن يوزع الفطرة الواحدة على عدة فقراء، وأن يعطي الفقير الواحد فطرتين، فأكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم قدر الفطرة بصاع، ولم يبين قدر من يعطي، فدل على أن الأمر واسع، وعلى هذا لو كال أهل البيت فطرتهم، وجمعوها في كيس واحد، وصاروا يأخذون منها للتوزيع من غير كيل، فلا بأس لكن إذا لم يكيلوها عند التوزيع، فليخبروا الفقير بأنهم لا يعلمون عن كيلها خوفا أن يدفعها عن نفسه، وهي أقل من الصاع، وزكاة الفطر فرض على جميع المسلمين على الصغير والكبير والذكر والأنثى، فأخرجوها عن أنفسكم، وعمن تنفقون عليه من الزوجات والأقارب.
ولا يجب إخراجها عن الحمل الذى فى البطن، فإن أخرج عنه فهو خير، والأفضل إخراج الفطرة يوم العيد قبل الصلاة، ويجوز إخراجها قبل العيد بيومين فقط، ولا تجزئ بعد صلاة العيد إلا إذا كان الإنسان جاهلا لا يدري مثل أن يأتي العيد بغتة، ولا يتمكن من أدائها قبل الصلاة أو يظن أنه لا بأس بتأخيرها عن الصلاة، فهذا تجزئه بعد الصلاة، ولا يجزئ دفع زكاة الفطر إلا للفقراء خاصة، والواجب أن تصل إلى الفقير، أو وكيله في وقتها، ويجوز للفقير أن يوكل شخصا في قبض ما يدفع إليه من زكاة، فإذا وصلت الزكاة إلى يد الوكيل، فكأنها وصلت إلى يد موكله، فإذا كنت تحب أن تدفع فطرتك لشخص، وأنت تخشى أن لا تراه وقت إخراجها، فمره أن يوكل أحداً يقبضها منك، أو يوكلك أنت في القبض له من نفسك، فإذا جاء وقت دفعها، فخذها له بكيس أو غيره، وابقها أمانة عندك حتى يأتي.
زر الذهاب إلى الأعلى