الدكروري يكتب عن الرسول في حصن الصعب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت المصادر الإسلامية كما جاء في كتب السنة النبوية الشريفة في فتح خيبر أن رسول صلى الله عليه وسلم قد توجة إلى حصن الصعب، وحاصر الحصن حصارا شديدا، وكان حصن الصعب بن معاذ أشد

خطورة وصعوبة من حصن ناعم، وأحكم المسلمون الحصار على حصن الصعب بن معاذ، ومع أن الحصار كان شديدا، ومع أن فتنة الحرب كانت كبيرة، إلا أن الله أراد أن يبتلي المؤمنين، فأوقعهم في أمر صعب إلى جوار صعوبة الحرب، وهو أمر الجوع، إذ دخل المسلمون في جوع شديد جدا لدرجة أن الصحابة قالوا لقد جهدنا وما بأيدينا من شيء فأصبح الموقف حرجا للغاية، وعندما ازداد الجوع على المسلمين، قام بعض رجال الجيش الإسلامي بذبح بعض الحمير للأكل.
والحقيقة أن العرب كانت تأكل الحمير في ظروف معينة، ولم يكن الأمر محرما على المسلمين في ذلك الوقت، ونصبوا القدور، ولم يكن هذا بعلم الرسول صلى الله عليه وسلم، ولما رأى الرسول النيران مشتعلة قال صلى الله عليه وسلم ” على أى شئ توقدون ” فهو يعلم أنه ليس مع الجيش لحم يطبخ، ولا شيء يوقد عليه نار، فقالوا يا رسول الله، نوقد هذه النيران على لحم، فقال ” أى لحم ” فقالوا لحوم الحُمر، يعني لحوم الحمر التي تستخدم في النقل، وهذه الحمير لم تكن محرمة على المسلمين حتى هذه اللحظة، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الموقف الصعب قام ونهى عن أكل لحوم الحُمر الأهلية، وقال صلى الله عليه وسلم ” لا تأكلوا لحوم الحمر شيئا وأهرقوها ” وإنه لموقف صعب حقا.
فالصحابة في ضائقة وجوع شديد، وبدأت اللحوم تنضج ورائحة اللحوم بدأت تظهر، والصحابة متشوقون للأكل، ثم أتى النهي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا النهي لا ينصاع له إلا مؤمن كامل الإيمان، وبفضل الله فإن جميع الجيش بلا استثناء، قد نجح في هذا الاختبار، ولم يأكل أحد من هذه اللحوم، بل إن الرسول لم يكتف بتحريم الأكل من لحوم الحُمر الإنسية، وإنما قال ” أهرقوها واكسروها ” وذلك ليختفي كل أثر لهذه اللحوم، فسأل بعض الصحابة، أو نهرقها ونغسلها ؟ يعني بدل الكسر نغسل القدور، فقال صلى الله عليه وسلم ” أو ذاك ” وفي ظل هذه الأزمة الكبيرة وبعد استجابة الصحابة لأمر الرسول، لجأ المسلمون لجوءا كاملا إلى الله، وهذا من أبلغ الفوائد في الأزمات.
لجوء المسلمين الصادقين إلى الله، ليفتح لهم أبواب الرحمة، ووقف المسلمون يدعون مع الرسول صلى الله عليه وسلم، هو يدعو وهم يؤمنون، فقال صلى الله عليه وسلم “اللهم إنك قد عرفت حالهم وأن ليست بهم قوة، وأن ليس بيدى شئ أعطيهم إياه فأفتح عليهم أعظم حصونها عنهم غناء، وأكثرها طعاما وودكا ” وبفضل لجوء المسلمين إلى الله تعالى، فقد جاء النصر من السماء، ففي اليوم التالي فتح الله عليهم حصن الصعب بن معاذ، وهذا من أغنى حصون خيبر بالطعام والشراب، وما لذ من ألوان الطعام المختلفة، ووجدوا فيه الطعام والودك كما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأكل الناس وشبعوا واستكملوا الحرب.
زر الذهاب إلى الأعلى