ألكسندرا نقولا بدران التى هربت من مصر بسبب مطاردة الضرائب لها
ألكسندرا نقولا بدران التى هربت من مصر بسبب مطاردة الضرائب لها
كتبت / عزة حسن
أيقونة الدويتو والاوبريتات أنها الفنانة الكبيرة نور الهدى
ولدت ألكسندرا نقولا بدران 24 ديسمبر سنة 1924 في مرسين بتركيا لوالدين من أصل لبناني وظهرت طاقاتها الصوتية في وقت مبكر من طفولتها حين كانت تؤدى التراتيل المسيحية في الكنيسة الأرثوذكسية وقد ساهم والدها فى نجاحها حيث اكتشف صوتها الجميل حينما كانت تغني في المدرسة وفي الحفلات الخاصة
وحينما كانت طفلة في عمر التاسعة وأثناء زيارته لجبل لبنان استمع الموسيقار محمد عبدالوهاب للطفلة ألكسندرا تغنى قصيدة “يا جارة الوادي” من كلمات أمير الشعراء أحمد شوقي وأثنى على صوتها لكنه نصح والدها بألا يتعجل عليها العمل الفني في ذلك السن المبكر حفاظاً على صوتها
لكنه لم يكن يعتقد أن هذه الطفلة ستغنى معه فيما بعد أغنيته الشهيرة “شبكوني ونسيونى قوام” وتظهر معه في آخر أفلامه “لست ملاكاً”
وجاءت الفرصة الذهبية عندما كان يوسف وهبي في جولة فنية في الشام سنة 1942 واستمع إليها وأعجب بصوتها فطلب منها المجيء إلي مصر وبالفعل حضرت ومضى معها اول عقد مدته 5 سنوات وعرض عليها
فيلمين هما “جوهرة” عام 1943 و”برلنتي” عام 1944 واختار لها اسمها الفني الذي لازمها وعرفه الجمهور “نور الهدى”، ولم يكن ظهورها مشاركة فقط بل كانت “بطولة مطلقة” وهكذا كان الظهور الأول لنور الهدى في دور البطولة
وخلال هذين الفيلمين تغنت نور الهدى على موسيقى الفرسان الثلاثة من ملحني أم كلثوم فغنت للسنباطي أغنية “يا أوتومبيل” وللشيخ زكريا أحمد ”
أه من عذابي”، وللقصبجي “خطوة بخطوة”
ثم راها الموسيقار محمد عبد الوهاب بعدما كبرت وأعجب بصوتها كثيرا واختارها أن تعمل معه بطولة اخر افلامه ( لست ملاكا ) وخلال هذا الفيلم شاركت بالغناء في 4 دويتوهات أمام عبدالوهاب في سابقة لم تحدث في أفلامه التي شاركته البطولة فيه مطربات أخريات مثل ليلى مراد ورجاء عبده
أما الظهور الثاني فقد كان أمام الموسيقار محمد فوزي في فيلم “مجد ودموع” وقد كان بداية تعاون فني أثمر عن فيلمين هما “قلبي يا أبى ” “ونرجس” شاركت نور الهدى محمد فوزي في غناء الأوبريتات مثل “الأوكازيون وست الحسن” أو الدويتوهات مثل “تعالى أقولك” والتي تمتاز بالابتكار اللحني الذى يمتاز بالخفة فشكلت باكورة أعمال فوزى الخفيفة في وقت لم تكن شادية قد ظهرت أو تعاونه مع ليلى مراد قد بدأ بعد
وحتى ذلك الوقت لم تكن نور الهدى قد مرت بمحطة موسيقية فارقة في مسيرتها الغنائية
واتت بالتعاون مع الموسيقار فريد الأطرش وكان في ذلك الوقت يشار إليه باعتباره فارسا آخر من فرسان الأفلام الغنائية والاستعراضية إلى جانب محمد فوزي وكان الأطرش في ذلك الوقت في مرحلة اكتشاف للصوت الغنائي الذى قد يعوضه عن وفاة أخته أسمهان عام 1944 وقد وجد في نور الهدى لمحة من الصوت الأسمهانى فصادف غرضه واستطاع فريد أن يكون ثلاثياً ناجحا عبر مزج صوته بصوت نور الهدى ووظف موسيقاه على رقصات سامية جمال في فيلمين من أفلامه عام 1951، وهما “ما تقولش لحد” و”عايز أتجوز” وخلال هذين الفيلمين قدما مجموعة من الأوبريتات مثل “قمر الزمان”، و”ما تقولش لحد”، أو عبر الدويتو الغنائي مثل أغنية “ما لكش حق”، كما قدم لها بعض الأغنيات الخفيفة الرشيقة مثل “يا ساعة بالوقت إجرى”
تميزت نور الهدى، بغناء القصائد مثل “يا جارة الوادي”، والموشحات مثل “لما بدا يتثنى”، وفى تلك القصائد كانت تظهر خامتها الصوتية، وقدراتها على التنقل بين المقامات الموسيقية، وبالرغم من أنها مسيحية أرثوذكسية إلا أنها غنت القصائد الدينية باقتدار
وإلى جانب تلك القصيدة غنت أيضًا “يارب سبح بحمدك كل شيء” من ألحان مداح الرسول محمد الكحلاوي و”رتلوا أي الكتاب المنزل” لرياض السنباطي وأغنية “هل هلال العيد على الإسلام سعيد” من كلمات بيرم التونسي وألحان فريد الأطرش
وحاولت نور الهدى إنتاج فيلم لها حمل اسم “هدى” لكنه فشل فشلاً ذريعاً اعتبره البعض نتيجة تدخل والدها الذي كان مسيطراً عليها في اختيار الأعمال الفنية فكان ينظر إليها باعتبارها “ابنة أبيها” كما أنها لم تحاول أن تخرج من جلبابه وقد قُدرت الخسائر بأكثر من ثلاثين ألف جنيه وهو مبلغ كبير جدا لم تستطع أن تعوضه ببطولتها مع فريد الأطرش أو أفلامها مع أنور وجدي وحسين صدقي وأحمد سالم فباتت مطاردة من الضرائب وازداد الأمر سوءا حين اتخذ مجلس النقابة قرارا بمنع نور الهدى من الغناء في الحفلات والاقتصار على الأغاني في الأفلام فقط، وشكل هذا الفرمان ضربة قوية لنور الهدى التي آثرت الرجوع إلى لبنان وتعود من حيث أتت
فجأة كان الظهور وفجأة كان الاختفاء وما بينهما مسيرة فنية لم تتجاوز عشرة أعوام، اختلط فيها “المجد والدموع” كعنوان لأشهر أفلامها لكنها نجحت في أن تفرض نفسها كإحدى أيقونات الأوبريتات والدويتوهات الغنائية ما بين منتصف الأربعينيات وحتى رحيلها المفاجئ عن مصر مع منتصف الخمسينات
وفى لبنان اقتصرت نور الهدى على غناء القصائد في المهرجانات الغنائية والمشاركة في عدة أفلام لم تحقق شهرتها كتلك الأعمال التي قامت بها في مصر ولم تحرز من الشهرة التي نالتها ابن خالتها الشحرورة “صباح
أما على الصعيد العائلي
فقد نالت نور الهدى لقب “راهبة الفن” حيث لم تتزوج وانزوت نور الهدى بعيدا عن أضواء الشهرة التي رسمت صورتها اللامعة خلال الأربعينيات والخمسينيات، حتى رحلت يوم التاسع من يوليو عام 1998.