دور اللوبى الشيوعى اليهودى الأمريكى فى نشر قيم الحزب الشيوعى الصينى
متابعة – علاء حمدي
اصدرت الدكتورة/ نادية حلمى الخبيرة المصرية فى الشؤون السياسية الصينية والآسيوية- أستاذ مساعد العلوم السياسية جامعة بنى سويف تحليل سياسي حول دور اللوبى الشيوعى اليهودى الأمريكى فى نشر قيم الحزب الشيوعى الصينى داخل المجتمع الأمريكى جاء فيه :
ربما جاء قرار إنشاء الحزب الشيوعى الأمريكى عام ١٩١٩، كواحد من أقدم التجارب الشيوعية حول العالم. وهذا يعود بى للذاكرة لمطلع الثلاثينيات والأربعينيات عندما ظهرت قوة التيارات السياسية اليسارية والإشتراكية والشيوعية داخل المجتمع الأمريكى كقوة مؤثرة بعمق فى الحياة السياسية، ولوحظ وقتها بأن العدد الأكبر من أعضاء الحزب الشيوعى الأمريكى عند تأسيسه كانوا من اليهود، فضلاً عن المهاجرين القادمين من بلدان غير ناطقة بالإنجليزية، لكنهم كانوا سبباً حقيقياً فى نجاح الحزب ونجاح التجربة الشيوعية الأمريكية ذاتها، خاصةً مع نجاح الحزب الشيوعى الأمريكى فى ضم أكثر العناصر الراديكالية نشاطاً وحيوية من مناطق وولايات مختلفة فى الولايات المتحدة الأمريكية، علاوة على ضمه لأعداد كبيرة من أعضاء إتحاد عمال الصناعة فى العالم.
وهنا نجح اليهود الروس المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأمريكية فى تقوية مصالحهم داخل المجتمع الأمريكى وربطها بالإتحاد السوفيتى والعمل من خلال عدد من اللوبيات اليهودية القوية داخل المجتمع الأمريكى لتقوية التيارات الشيوعية واليسارية داخل المجتمع الأمريكى. بالإضافة لنجاحهم منقطع النظير فى نشر الديمقراطية داخل المجتمع الأمريكى ذاته، من خلال دورهم فى مواجهة التمييز العنصرى فى الولايات المتحدة الأمريكية وحول العالم كله، وحشد كافة الجماهير والرأى العام الأمريكى ذاته لمواجهة العنصرية المتفشية داخل المجتمع الأمريكى، وقيادة الشيوعيين الأمريكان خاصةً من اللوبيات اليهودية لحملة وطنية للدفاع عن المواطنين السود وما يتعرضون له من مضايقات وتهديدات عبر المظاهرات والتجمعات والمسيرات التى نظمها الحزب الشيوعى الأمريكى بمساعدة عدد من اللوبيات اليهودية الأمريكية الشيوعية القوية حينئذ.
وهنا نجح اللوبى اليهودى الأمريكى وبمساعدة عدد من الشخصيات اليهودية الشيوعية المهاجرة من الإتحاد السوفيتى فى تقوية الشيوعية ونشرها ودعمها داخل المجتمع الأمريكى، وذلك من خلال تواجده فى العديد من المنابر والمناصب الشيوعية العليا الأمريكية، بدايةً من تأثيره فى الصحيفة الشيوعية اليهودية “دى فراهايت”، وهى التى سيطر عليها اللوبى اليهودى الشيوعى الأمريكى وبشدة، لدرجة أنها كانت ناطقة باللغة اليديشية العبرية، ووصل عدد قرائها لحوالى ٣٠ ألف شخص، وتفوقت بذلك على ى صحيفة شيوعية أخرى خلال تلك الفترة، بفضل مساندة ودعم اللوبى اليهودى الشيوعى الأمريكى لها.
كما تمكن اللوبى الشيوعى اليهودى الأمريكى من إنشاء مدارس لنشر الشيوعية والأفكار اليسارية لمختلف المراحل العمرية والمراكز الثقافية داخل المجتمع الأمريكى ذاته، ووصل الأمر بهم لبناء وحدات سكنية لإقامة عشرات الآلاف من أعضاء الحزب الشيوعى الأمريكى بدعم خاص من اللوبى اليهودى الشيوعى داخل المجتمع الأمريكى لدعم كافة العائلات الشيوعية الأمريكية، ونجح الشيوعيين الأمريكان بمساعدة اللوبى اليهودى الشيوعى القوى داخل المجتمع الأمريكى فى تكوين فرق موسيقية ومسرحية خاصة، مما أدى لحظيتهم بشعبية كبيرة وجارفة فى أوساط العمال اليهود الشيوعيين الأمريكان العاملين فى قطاع المنسوجات وصناعة الملابس، حتى كاد الشيوعيين الأمريكان واللوبى اليهودى الشيوعى المسيطر عليهم من السيطرة على الإتحاد الدولى لعمال الملابس النسائية حول العالم.
وهذا يرجع بى للذاكرة لواحدة من أبرع العبارات اللامعة فى ذهنى، بشأن ما قالته الكاتبة الأمريكية اليسارية “بيس جورنيك”، بأن: “الولايات المتحدة الأمريكية كانت ومازالت محظوظة بالشيوعيين الذين عاشوا فيها، لأنهم دفعوا الدولة الأمريكية بشدة نحو الديمقراطية، وبأن تأثير الشيوعيين فى المجتمع الأمريكى ما زالت آثاره باقية حتى الآن”
وفقاً لدستور الحزب الشيوعى الأمريكى المعتمد خلال مؤتمره الوطنى الثلاثين عام ٢٠١٤، يعمل الحزب الشيوعى الأمريكى على (مبدأ المركزية الديمقراطية على غرار التجربة الشيوعية المناظرة لها فى بكين)، وتعتبر أعلى سلطة له هى سلطة المؤتمر الوطنى الذى يجرى مرة كل أربع سنوات، بالتعلم من نفس التجربة الشيوعية الصينية.
وفى الوقت الحالى، يضم الحزب الشيوعى الأمريكى أكثر من ٥٩ ألف عضو من اللاسلطويين واليساريين الراديكاليين، وكان أكثر إنتشاراً من الحزب الإشتراكى الأمريكى ذاته، والذى كان يضم أكثر من ٤٠ ألف عضو، لكن أعداد الشيوعيين تناقصت مع بدأ دعايات الخوف الأحمر والمكارثية بعد نهاية الحرب العالمية الثانية، وقد تم بعدها حظر الحزب من الإنتخابات، لوقوفه ضد الديمقراطية والليبرالية من وجهة نظر صناع القرار الأمريكى.
وإدراكاً من الحزب الشيوعى الصينى وحتى هذه اللحظة لأهمية نظيره الحزب الشيوعى الأمريكى فى تحقيق مبتغاه للتغلغل داخل المجتمع الأمريكى، لذا يأتى حرص الحزب الشيوعى الصينى على التواصل مع كافة الشيوعية فى العالم، وعلى رأسها الحزب الشيوعى الأمريكى، والذى شارك ممثلون عنه فى إجتماعات الدورة الثالثة لمؤتمر الحوار بين الحزب الشيوعى الصينى والأحزاب الأخرى فى بكين فى ٨ و ٩ نوفمبر عام ٢٠٢٢. وحضر المؤتمر الذى نظمه الحزب الشيوعى الصينى أكثر من ثمانين ممثلاً عن الأحزاب والمنظمات السياسية ومراكز الأبحاث من ثمانى عشرة دولة.
ويأتى حرص دائرة الإتصال الدولى باللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى للتواصل مع كافة الأحزاب الشيوعية والإشتراكية حول العالم ، ولا سيما الحزب الشيوعى الأمريكى، تحت عنوان “العمل يداً بيد لبناء رابطة المصير المشترك بين الصين والعالم في العصر الجديد: مسؤولية الأحزاب السياسية”. على أن يتم التواصل بين الحزب الشيوعى الصينى ونظرائه من الأحزاب الشيوعية الأخرى، سواء عبر الإنترنت أو عبر دعوة الجميع للقاء فى بكين. مع حرص السيد/ ليو جيان تشاو، رئيس دائرة العلاقات الخارجية فى اللجنة المركزية للحزب الشيوعى الصينى، للتأكيد بشكل تام على دور الحزب الشيوعى الصينى ورغبته فى تعزيز تبادل الخبرات فى مجالات حوكمة الدولة وإدارتها مع الأحزاب الشيوعية الأخرى، وتطوير التعاون فى كافة المجالات الأخرى، عبر منصات التبادل للأحزاب السياسية الشيوعية والإشتراكية.
لذا يأتى حرص العديد من قادة الحزب الشيوعى الأمريكى على المشاركة فى مؤتمرات الحزب الشيوعى الصينى، والتأكيد على دعم بعضهم البعض بحزم فى القضايا التى تنطوى على المصالح الأساسية والشواغل الرئيسية لبعضهما البعض، والعمل سوياً لدعم قواعد الإنصاف والعدالة الدوليين، وتعزيز القيم المشتركة للبشرية جمعاء، وتقديم قوة محركة قوية لتعزيز بناء رابطة المصير المشترك بين الصين وكافة الأحزاب الشيوعية فى العالم، وعلى رأسها الحزب الشيوعى الأمريكى.وج لإعلان عبر الموقع الرسمى والأساسى للحزب الشيوعى الأمريكى، لدعم إنجازات المؤتمر الوطنى العشرين للحزب الشيوعى الصينى، والإعراب عن رغبة الشيوعيين الأمريكان فى الإستفادة من خبرات الحزب الشيوعى الصينى وتبادلاته مع العالم.
وتعد العلاقة قديمة للغاية بين الحزب الشيوعى الصينى ونظيره الحزب الشيوعى الأمريكى ولوبياته اليهودية الشيوعية القوية، خاصةً منذ بداية فترة العشرينيات، وذلك بعد عقد الإجتماع السرى للحزب الشيوعى الصينى فى شقة قديمة بمدينة شنغهاى الصينية، وذلك قبل نحو ٩٠ عاماً، وتحديداً فى يوليو عام ١٩٢١، بدعم قوى من قوى اليسار الإشتراكى الأمريكى وحزبها الشيوعى الأمريكى ذاته، والذى تأسس فى عام ١٩١٩، وذلك بحضور ومشاركة نخبة من المثقفين والمفكرين الصينيين وبدعم قوى من التيارات الشيوعية واليسارية الأمريكية فى ذلك الوقت. وكان هذا الإجتماع الأول للحزب الشيوعى الصينى بمثابة المؤتمر الوطنى الأول للحزب الشيوعى الصينى، ويعتبر رمزاً لإعلان تأسيس الحزب الشيوعى الصينى عالمياً، وكان حضور هذا المؤتمر الأول للحزب الشيوعى الصينى بمشاركة ممثلين لجميع أعضاء الحزب الذين لم يتجاوز عددهم وقتها حوالى ٥٠ عضواً في ذلك الوقت شهوداً على هذا الحدث الكبير فى التاريخ الصينى الحديث، وبدعم قوى من قوى اليسار والشيوعيين الأمريكان وحول العالم.
وقد مضى على ذلك الحدث الهام ٩٠ عاماً، وإزداد عدد أعضاء الحزب الشيوعى الصينى، والذى لم يتجاوز عند التأسيس ٥٠ شخصاً إلى ما يقرب من ٨٠ مليون عضو، وهو ما يساوى عدد سكان دولة متوسطة الحجم. وقد أصبح الحزب الشيوعى الحاكم فى الصين حزباً كبير الحجم بكل معنى الكلمة، وأضحى هو الأيقونة والرمز للشيوعيين حول العالم، وعلى رأسهم الشيوعيين الأمريكان وحزبهم الشيوعى الأمريكى فى واشنطن حتى هذه اللحظة، مع حرص الشيوعيين الأمريكان وحزبهم الشيوعى الأمريكى على التواصل بإستمرار والمشاركة فى كافة فعاليات الحزب الشيوعى الصينى من خلال إدارة الإتصال السياسى والعلاقات الخارجية التابعة للجنة المركزية العليا للحزب الشيوعى الصينى فى العاصمة بكين.
ومن هنا جاءت كلمة الرئيس الصينى “شى جين بينغ” لممثلى الأحزاب الشيوعية فى العالم، بالتأكيد على أنه: “يجب على الأحزاب السياسية الشيوعية، بإعتبارها قوة مهمة فى تعزيز التقدم البشرى، أن تتحمل مسؤوليات قيادة الإتجاه وبناء التوافق فى الآراء وتعزيز التنمية والتعاون وتحسين الحوكمة العالميين”.
– وتعد أبرز ملامح تغلغل الحزب الشيوعى الصينى فى نظيره الحزب الشيوعى الأمريكى، من خلال إسهامه فى تبنيهم لعدد من النقاط ذات الإهتمام المشترك مع نظيره الأمريكى ونشرها داخل المجتمع الأمريكى ذاته، من خلال:
١) تبنى خطة وحملة الحد الأدنى للأجور ١٥ دولار فى الساعة الواحدة لجميع العمال الأمريكان، خاصةً من قوى اليسار والشيوعيين فى المجتمع الأمريكى
٢) تبنى خطة الرعاية الصحية الشاملة الوطنية ومعارضة خصخصة الضمان الإجتماعى داخل المجتمع الأمريكى
٣) تبنى عدد من التدابير الإقتصادية التى تهم الجانب الصينى ذاته داخل واشنطن، مثل: نجاح الشيوعيين الأمريكان فى الضغط على حكومتهم من خلال اللوبى اليهودى الشيوعى الأمريكى لزيادة الضرائب على الأغنياء والشركات والتنظيم القوى للصناعة المالية والتنظيم والملكية العامة للمرافق وزيادة المساعدة للمدن والولايات الفيدرالية الأمريكية
٤) معارضة الحزب الشيوعى الأمريكى للحرب الأمريكية على العراق والتدخلات العسكرية الأخرى فى أفغانستان وسوريا وإيران وكوريا الشمالية، وغيرها
٥) معارضة الحزب الشيوعى الأمريكى لمعاهدات التجارة الحرة، مثل: إتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية
٦) تبنى الحزب الشيوعى الأمريكى لخطة نزع السلاح النووى الأمريكى والإسرائيلى معاً، مع تبنيه خطة طويلة الأمد للضغط على صناع القرار الأمريكى فى خفض الميزانية العسكرية لدى الطرفين الأمريكى والإسرائيلى فى المستقبل، حفاظاً على مصالح التفوق العسكرى والإستراتيجى لبكين
٧) تبنى مختلف أحكام الحقوق المدنية، مع إصلاح تمويل الحملات بما فى ذلك التمويل العام للحملات الإنتخابية، مترافقاً مع إصلاح قانون الإنتخابات المحلية والرئاسية والعامة، بما فى ذلك التصويت على جولات الإعادة الفورية للإنتخابات الأمريكية
٨) وصولاً للأهم لدعم قوى اليسار والتيار الشيوعى اليهودى الأمريكى بالأخص لعدد من المرشحين الأمريكان فى الإنتخابات المختلفة من الموالين للقيادات الشيوعية فى بكين بمساعدة اللوبيات اليهودية الشيوعية القوية فى واشنطن
وبناءً عليه، وكخبيرة فى الشأن السياسى الصينى، ودراسات وإنجازات الحزب الشيوعى الصينى، يمكننى القول بمدى قوة الحزب الشيوعى الأمريكى والتيارات اليسارية والإشتراكية الأمريكية فى عمل علاقات تعاون وصداقة مع نظيرها الحزب الشيوعى الصينى، مما مكنها فى نهاية المطاف من تحقيق مكاسب سياسية ضخمة، بنجاحه فى الوصول الآن وفقاً للتحليل، لعدد من الفئات التى لم ينجح فى الوصول إليها من قبل، كالكنائس، والمنظمات الأخوية والسياسية داخل المجتمع الأمريكى، تحقيقاً فى النهاية لأجندة بكين فى التغلغل فى عمق المجتمع الأمريكى ونشر الديمقراطية على غرار الثقافة الشيوعية فى بكين.
زر الذهاب إلى الأعلى