الدكرروي يكتب عن بعثة نبي الله إسحاق عليه السلام

الدكرروي يكتب عن بعثة نبي الله إسحاق عليه السلام
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد كانت بعثة نبي الله إسحاق عليه السلام للنبوة في زمن واحد مع بعثة أبيه وأخيه إسماعيل عليه السلام وبعثة لوط عليه السلم وولده يعقوب بن إسحاق عليه السلام، وهكذا تبدأ قصة النبي اسحاق ببشرى من الله تعالى لإبراهيم عليه السلام، الذي بلغه الكبر، وكانت امرأته سارة عجوزا، انقطع عنها الولد لكبر سنها، فأرسل الله تعالى له ملائكة بصورة آدميين مسافرين، كانوا في طريقهم إلى قرى لوط عليه السلام ليقيموا الحجة على أهلها، فلما مروا بإبراهيم عليه السلام طلبوا إليه أن يستضيفهم في بيته، ففعل عليه السلام، إذ كان معروفا بالكرم وحسن استقبال الضيف، وجاء لهم بعجل حنيذ أى مشوي فلما قدمه إليهم، فلم يأكلوا، ولم تمتد أياديهم اليه، كون ان الملائكة لا تأكل ولا تشرب، فدخل الخوف إلى قلبه عليه السلام.
وخشي أنهم لم يأكلوا من الطعام لأنهم يضمرون السوء له، فطمأنوه، أي الملائكة بأنهم رسل من الله تعالى، ثم بشروه بميلاد إسحاق عليه السلام، وعقب هذه البشرى تعجب إبراهيم عليه السلام من أن يولد له ولد وقد بلغ من الكبر عتيا، ثم إن امرأته سارة عاقر، لكن إرادة الله تعالى فوق كل إرادة، وكرمه فوق أي كرم، ويكفيه في ذلك أن يتوكل الإنسان عليه، ويسأله تعالى دونما جزع أو يأس من جوده، وأما امرأته عليه السلام، فقد كانت تسمع ما يدور من الحديث بين زوجها وهؤلاء الضيوف، وبلغ منها العجب مبلغا، إذ كيف تلد وهي عجوز، وكيف لبعلها ذلك وهو شيخ كبير، وإن من تمام كرم الله تعالى، أنه لم يبشره بأي غلام، بل بشره بنبي صالح مبارك عليه، فهكذا يجود الله تعالى على أنبيائه وأصفيائه.
فيختص برحمته من يشاء، والله ذو الفضل العظيم، وقيل إن نبى الله اسحاق عليه السلام ولد ولأبيه مائة سنة، بعد أخيه إسماعيل بأربع عشرة سنة، وكان عمر أمه سارة حين بُشّرت به تسعين سنة، فيما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم أن سلسة ذرية إبراهيم وإسحاق هى سلسلة كرام، إذ حوت أنبياء الله تعالى يوسف ويعقوب وإسحاق وإبراهيم عليهم السلام وذكر أن إسحاق عليه السلام لما أكمل الأربعين سنة من عمره تزوج، فأنجبت له امرأته توأما، هما يعقوب عليه السلام الذي يسمى بإسرائيل، وهو من ينتسب إليه بنو إسرائيل وبني بيت المقدس، ومن ذريته تناسل الأنبياء، فكان ممن ولد له يوسف عليه السلام، ومن ذريته أرسل الله تعالى الأنبياء موسى وهارون عليهما السلام.