مقالات

الدكروري يكتب عن الأصمعي في المسجد الجامع

الدكروري يكتب عن الأصمعي في المسجد الجامع

الدكروري يكتب عن الأصمعي في المسجد الجامع

بقلم / محمـــد الدكـــروري

روي عن الأصمعي أنه قال أقبلت ذات يوم من مسجد الجامع بالبصرة وبينما أنا في بعض سككها إذ أقبل أعرابي جلف جاف على قعود له متقلدا سيفه وبيده قوس فدنا وسلم وقال ممن الرجل فقلت من بني الأصمع فقال لي أنت الأصمعي قلت نعم، قال من أين أقبلت قلت من موضع يتلى كلام الرحمن فيه، قال أو للرحمن كلام يتلوه الآدميون فقلت نعم يا أعرابي

 فقال أتل علي شيئا منه فقلت انزل من قعودك، والقَعود هو صغير الإبل إلى أن يبلغ السادسة من عمره، فنزل وابتدأت بسورة الذاريات حتى انتهيت إلى قوله تعالى ” وفى السماء رزقكم وما توعدون ” فقال الأعرابي يا أصمعي هذا كلام الرحمن قلت إي والذي بعث محمدا بالحق إنه لكلامه أنزله على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم فقال لي حسبك. 

فقام إلى ناقته فنحرها بسيفه وقطعها بجلدها وقال أعني على تفرقتها فوزعناها على من أقبل وأدبر ثم كسر سيفه وقوسه وجعلها تحت الرملة وولى مدبرا نحو البادية وهو يقول قول الله عز وجل ” وفى السماء رزقكم وما توعدون ” وأخذ يرددها فلما تغيب عني في حيطان البصرة أقبلت على نفسي ألومها وقلت يا أصمعي قرأت القرآن منذ ثلاثين سنة ومررت بهذه وأمثالها وأشباهها فلم تتنبه لما تنبه له هذا الأعرابي ولم يعلم أن للرحمن كلاما فلما قضى الله من أمري ما أحب حججت مع هارون الرشيد أمير المؤمنين فبينما أنا أطوف بالكعبة إذا أنا بهاتف يهتف بصوت رقيق تعال يا أصمعي تعال يا أصمعي قال فالتفت فإذا أنا بالإعرابي منهوكا مصفارا فجاء وسلم علي وأخذ بيدي. 

وأجلسني وراء المقام فقال اتل من كلام الرحمن ذلك الذي تتلوه فابتدأت ثانيا بسورة الذاريات فلما انتهيت إلى قوله ” وفى السماء رزقكم وما توعدون ” صاح الأعرابي وقال قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، ثم قال يا أصمعي هل غير هذا للرحمن كلام قلت نعم يا أعرابي يقول الله عز وجل فى سورة الذاريات ” فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون ” فصاح الأعرابي عندها وقال يا سبحان الله من ذا أغضب الجليل حتى حلف أفلم يصدقوه بقوله حتى ألجئوه إلى اليمين قالها ثلاثا وخرجت نفسه، رواه البيهقى، وأيضا فى تأثير القرآن الكريم على المشركين وأن المشركين فى مكة كانوا يذهبوا خفية من وراء بعضهم البعض ليستمعوا للقرآن. 

من النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وكانوا يذهبون الى بيت الصديق يستمعون لتلاوته أيضا فعن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ” لم أعقل أبوي إلا وهما يدينان الدين، ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم، طرفي النهار، بكرة وعشية، ثم بدا لأبي بكر، فابتنى مسجدا بفناء داره، فكان يصلي فيه ويقرأ القرآن، فيقف عليه نساء المشركين وأبناؤهم، وهم يعجبون منه وينظرون إليه، وكان أبو بكر رجلا بكاءا، لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، فأفزع ذلك أشراف قريش من المشركين رواه البخاري، فكان الكافر يسمع القرآن فيتأثر به ويدخل في الإسلام وهذا من أعظم البراهين على تأثير القرآن الكريم في القلوب فمع أنه كان كافرا لما ألقى أذنه للقرآن وفتح قلبه للقرآن تأثر به أليس من كان مسلما بالأساس أولى بالتأثر والتفاعل الجيد مع كتاب الله.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock