مقالات

الدكروري يكتب عن صدق المراقبة

الدكروري يكتب عن صدق المراقبة

الدكروري يكتب عن صدق المراقبة

بقلم/ محمـــد الدكـــروري

إن من أعظم الأمانات هي أمانة النفس، فهي أعظم من أمانة الأموال والأولاد، أقسم الله بها في كتابه، ولا يقسم الله إلا بعظيم، حيث قال تعالى “ونفس وما سواها ” وقد جعل الله لهذه النفس طريقين، وهما طريق تقوى وبه تفوز وتفلح، وطريق فجور وبه تخسر وتخيب، والناظر في حال

 الناس اليوم، يرى رُخص النفوس عند أهلها، ويرى الخسارة في حياتها لعدم محاسبتها، والذين فقدوا أو تركوا محاسبة نفوسهم سيتحسرون في وقت لا ينفع فيه التحسر، وقال الإمام الغزالي عرف أرباب البصائر من جملة العباد أن الله تعالى لهم بالمرصاد، وأنهم سيناقشون في الحساب، ويطالبون بمثاقيل الذر من الخطرات واللحظات، وتحققوا أنه لا ينجيهم من هذه الأخطار إلا لزوم المحاسبة، وصدق المراقبة.

ومطالبة النفس في الأنفاس والحركات، ومحاسبتها في الخطرات واللحظات، فمن حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه، وحضر عند السؤال جوابه، وحسن منقلبه ومآبه، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته، وطالت في عرصات القيامة وقفاته، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته، ولقد أصبح الروتين اليومي في كل بيت الآن إلا ما رحم الله من العباد ولقد انتشر وعم الفساد في الأرض حتي أصبحنا نراه ليلا ونهارا بدون حياء أو خشية وكأنه لا يوجد وازع ديني أو أخلاقي علي الأرض الآن وإن تزايد معدلات انتشار الفساد بأشكاله المختلفة في مجتمعاتنا العربية بشكل مبالغ فيه، ما يدل على أننا تجاوزنا الحكمة أو الصواب في تسيير حوائجنا، وأدرك الخلل آلية التقدم والرقي. 

ولم تسلم المؤسسة الدينية من شرر نار الفساد الذي استشرى في مفاصل الحراك المجتمعي، حتى بات العائق الأول أمام النهضة الشمولية في أي مجتمع ينشد البناء الحضارى، فكل فاسد يقرب عددا من علماء الدين إلى حاشيته لقيمة الدين الفطرية في نفوس الناس وتأثرهم به، وقد يظهر احترامه للرموز الدينية، ويحرص على الظهور الإعلامي معهم في المناسبات المختلفة، لكسب تعاطف الجماهير، وهو في الحقيقة من أشد مناهضي الصلاح والإصلاح، والفساد الديني دائما يتبع الفساد السياسي فلا المؤسسة الدينية مستقلة في قراراتها عن المؤسسة السياسية، ولا الأخيرة تستطيع مزاولة مهامها من دون الحصول على الغطاء الشرعي، كبديل عن الغطاء الشعبي، وبالتالي يفسد الدين. 

ويستشرى الفساد في ثنايا العقل والروح، ولن يقضى على مظاهر الفساد في المجتمعات الإسلامية إلا من خلال منظومة ضوابط مناهضة لكل أشكال الفساد في إطار القانون، وسن التشريعات التي تخفف من تغلغل ذلك الفساد في تفاصيل حياتنا، وتأتي هذه الآية في سورة آل عمران بعد الحديث عن ميلاد نبى الله عيسى عليه السلام وطبيعته، وأنه عبد الله، خلقه من تراب كما خلق آدم عليه السلام فلا يستقيم لأهل الكتاب أن يتخذوا غرابة ولادته دون أب ذريعة لرفعه عن مرتبة البشر إلى درجة الألوهية، فختم الله سبحانه وتعالى هذا الحديث بتلك الآية التي يقرر فيها إجمالا ما قرره سابقا تفصيلا، وهو حقيقة التوحيد لله عز وجل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock