مقالات

لغتي .. هُويتي وفخري

لغتي .. هُويتي وفخري

بقلم الأديبة / مها الجمل

ضمانِ بقاء أى أمة واستمرار حضارتها هو الحفاظُ على لغتها وأصالتها، بها تتكون ثقافتها ويتواصل أبناؤها .. بها يرقى شعبها ويُخلَّد مجدُها.
اللغةُ العربية هي سيدةُ لغاتِ الأرض.. لغةٌ ثرية بمفرداتها وغنية في معانيها ودلالاتها، وعلى الرغم من هذا الثراء فإن دقتها شاهد على تألُّقها وريادتها فهي الروعةُ والدقةُ والجمال..
مثُلها مثل أية لغة وحضارة عانت فتراتٍ كثيرة من الركودِ والانزواءِ وصارت بلا روح .. لكنها ما لبثت أن استعادت روحَها وسط كثير من اللغات، هي من اللغاتِ السامية الأكثر تحدثًا، كذلك تعتبر اللغة الرسمية الأولى لدولِ الوطنِ العربي، أطلق العربُ عليها مُصطلح “لُغة الضاد” حيث أنها اللغة الوحيدة التي تحتوي على حرفِ الضاد دون غيرها من لغاتِ العالم، يعتبر هذا الحرف من أصعب الحروف نُطقًا، والعرب هم أَفْصَح من نطق به.
ظلت حروفُها في العصرِ الأموي بغير نُقط حتى النصف الأول من القرن الهجري، ثم قام “أبو الأسود الدؤلي” بوضع حركاتٍ ونقط بلون مختلف على الكلماتِ لكي يحافظ عليها، ثم شهدت اللغة العربية في العصر العباسي تقدمًا وازدهارًا حيث بدأت فيه الترجمات إلى اللغةِ العربية ..
تم الاعتراف باللغةِ العربية كإحدى اللغات الرسميّة الست المُعترف بها في منظمة الأمم المتحدة، ويعتبر يوم الثامن عشر من ديسمبر من كل عام هو اليوم العالمي للاحتفال بها.
تاهت لغتُنا بل ضاعت بين كثيرٍ من اللغاتِ فأصبحت على وشك أن تَفْقِد هيبتَها ومن هنا سنفقد نحن هُويتنا ..
استعادتها لن يحدث إلا بِنَا، نأخذ بها ونرقى وترتقي لأننا نحن من كُنّا السبب في إهمالِها وركودِها بتخلينا عنها وتمسّحنا في غيرها..
استمات الأديب العالمي “نجيب محفوظ” دفاعًا عن جمال اللغة العربية الفُصحى خلال مشواره الأدبي، ظل يستخدمها على لسان شخصياته قاطنة الأحياء الشعبية من أصحاب المستويات الاجتماعية والثقافية المختلفة في رواياته، وأيده في رأيه عميد الأدب العربي “طه حسين”، فكانت كتاباته هو الآخر بالفصحى ولا يستخدم اللغة العامية حتى في الحوار بين الشخصيات.
لا شك أن اللغة أو أي لغة في العالم، تشكل الضلع الثالث والأقوى في أضلاع المثلث مع الثقافة والهُوية، بقدر ما يستطيع الإنسان حفظ وحماية هذه الأضلاع الثلاثة بقدر ما يستطيع أن يجسد أصالته ويواجه تحدياته ويحفظ هُويته، الفرد في أي مجتمع يعمل مع لغته.. هو الفاعلُ فيها وهو الذي يستطيع أن يرفع من شأنِها ويتمكن من إحيائِها.
لغتُنا.. هي لغةُ الثوابت، لغة الدين والتراث الخالد.. لو فقدنا لغتَنا العربية فإننا بذلك نفقد هُويتنا ونقطع صلة أجيالنا القادمة بتراثهم وماضيهم وحضارتهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock