الدكروري يكتب عن مسجد ذو الحليفة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذو الحليفة وهي تصغير الحلفة وهي مفردة نبات الحلفاء النبات المعروف، وكما عرف هذا المسجد بمسجد الشجرة لأن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، عند خروجه إلى مكة للعمرة أو الحج كان ينزل تحت ظل شجرة في هذه الناحية يصلي، ثم يهل محرما يريد العمرة أو الحج، وكما يسميه البعض مسجد الميقات لانه أحد المواقيت الأمكنة الخمسة التي عينها النبي صلى الله عليه وسلم، ليحرم منها من أراد الحج أو العمرة، ويسميه بعض العامة أبيار علي أو آبار علي، وهناك قولان لهذة التسمية وهي لأن الإمام علي بن ابى طالب، قد قاتل الجن بها، وعلى قول ابن تيمية فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة ويدعي انه لا فضيلة لهذا البئر، ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمى بها حجرا ولا غيره.
وقال البعض أن سبب التسمية أبيار علي، إنما هو نسبة لعلي بن دينار والي دارفور في ذلك الوقت، الا أن هذا غير صحيح، فإن علي دينار وهو سلطان دارفور المنسوب ذلك الاسم له جاء إلى الميقات حاجا منذ حوالي مائة عام، فوجد حالة الميقات سيئة، فحفر الآبار للحجاج ليشربوا منها ويُطعمهم عندها، وجدد مسجد ذي الحليفة، ذلك المسجد الذي صلى فيه النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، وهو خارج للحج من المدينة المنورة، وأقام وعمّر هذا المكان، ولذلك سمي المكان بأبيار علي نسبة لعلي بن دينار، وإن الجواب الذي لا يختلف فيه اثنان هو أن هذا الاسم معروف مذكور ومنثور في بطون الكتب قبل ولادة علي دينار بمئات السنين، فقد ذكره ابن تيمية فذو الحليفة هي أبعد المواقيت.
بينها وبين مكة عشر مراحل، أو أقل أو أكثر بحسب اختلاف الطرق، فإن منها إلى مكة عدة طرق، وتسمى وادي العقيق، ومسجدها يسمى مسجد الشجرة، وفيها بئر، تسميها جهال العامة بئر علي، لظنهم أن عليا قاتل الجن بها، وهو كذب، فإن الجن لم يقاتلهم أحد من الصحابة، وعلي أرفع قدرا من أن يثبت الجن لقتاله، ولا فضيلة لهذا البئر، ولا مذمة، ولا يستحب أن يرمى بها حجرا ولا غيره، ثم نحن جديرون بإحياء ما نطق به النبى صلى الله عليه وسلم، بتسمية الميقات باسمه الذي سمّاه ذو الحليفة، وما بني على الاختلاف، فينبغي أن يكون محل هجر وفراق، فلنهجر التسمية المكذوبة ولنستعمل ما خرج التلفظ به بين شفتي النبي صلى الله عليه وسلم ولنقل ذو الحليفة.
فلما اقتربوا من مكة بلغهم أن قريشا جمعت الجموع لمقاتلتهم وصدهم عن البيت الحرام، فلما نزل النبي صلى الله عليه وسلم، بالحديبية، أرسل عثمان بن عفان إلى قريش وقال له”أخبرهم أنّا لم نأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، وإدعهم إلى الإسلام، وأَمره أن يأتي رجالا بمكة مؤمنين ونساء مؤمنات، فيبشرهم بالفتح، وأن الله عز وجل مُظهر دينه بمكة، فانطلق عثمان، فأتى قريشا، فقالوا إلى أين ؟ فقال بعثني رسول الله أدعوكم إلى الله وإلى الإسلام، ويخبركم أنه لم يأت لقتال، وإنما جئنا عمارا، قالوا قد سمعنا ما تقول، فانفذ إلى حاجتك” ولكن عثمان احتبسته قريش فتأخر في الرجوع إلى المسلمين، فخاف النبي صلى الله عليه وسلم، عليه، وخاصة بعد أن شاع أنه قد قتل، فدعا إلى البيعة، فتبادروا إليه، وهو تحت الشجرة، فبايعوه على أن لا يفروا، وهذه هي بيعة الرضوان.
زر الذهاب إلى الأعلى