دين ودنيا

الدكروري يكتب عن العلم في الإسلام

الدكروري يكتب عن العلم في الإسلام

بقلم / محمـــد الدكـــروري

جميل أن يرزق العبد المسلم قلبا رقيقا وجلا من ربه عز وجل، يتحسس زلاته وتقصيره في جنب الله سبحانه وتعالى، ويتأسى على ما فرط منه في سابق أيامه وزمانه، فذلك علامة قبول، وأمارة فضل من الله عز وجل، فقد أثنى الله سبحانه على من هذا حاله، ولكن يمكن أن تنقلب هذه النعمة إلى نقمة أو خطيئة أخرى، إذا لم يراع العبد أيضا ما أمر الله عز وجل به، في حال الخوف وحال الرجاء، وحال الطاعة والمعصية أيضا، فإذا تمكن اليأس والقنوط من القلب بسبب شدة الخوف، صار ذلك ذنبا جديدا، وإذا وقع العبد في سوء الظن بالله، أو بدأ يتقاعس عن العبادة والدعاء وانقطع رجاؤه من الله عز وجل، فليتأكد حينئذ أن الشيطان تمكن منه، ودخل إليه من باب جديد، والعاصم من جميع ذلك هو الاستقامة على الحال التي أثنى عليها الله تعالي في القرآن الكريم.

وهي حال الخوف من الله، من غير أن يؤول المقام إلى حد الوسواس أو الإحباط أو الاكتئاب عن كل أمل في حياة سعيدة في الدنيا والآخرة، وهذا فضلا عن أن سعة رحمة الله تعالي ولطفه بعباده اقتضت أن لا يحاسب ابن آدم حتى يبلغ سن الاحتلام، وهو سن الخامسة عشر ، أو هو السن الذي تظهر عليه علامات البلوغ، فكل ما يقع قبل هذا السن لا حساب عليه ولا عذاب، وإنما يؤاخذ به بين الناس تربية وتأديبا، وإن العلم في الإسلام لا يعني فقط العلم بأحكامه وآدابه، بل حتى بالعلم الكوني، أو العلم المادى، ذلك أن الإسلام جاء شاملا لضروب النشاط الإنساني كافة ومنها البحث الكوني، وقد أمر الإنسان بتعمير هذا الكون المسخر له، وذلك يعني في الوقت نفسه أن الكون المشاهد خاضع لإدراكه وبحثه، وأن ظواهره ليست بالشئ المبهم الغامض الذي لا يفسر.

وأن بمقدوره الاستفادة من الكون واستغلال خيراته على أوسع نطاق لتأمين حياته ورفاهيتها، وإن توجيه القرآن في هذا الصدد هو تأكيد لروح المنهج العلمي الصحيح الذي يدفع الإنسان إلى محاولة استكشاف ما هو مجهول من هذا الكون وظواهره على أساس من الثقة بقدرة الإنسان وبالعلم في مواجهة الطبيعة، ومما له دلالة على أن العلم في الإسلام غير محدود بحد معين لقول الرسول صلى الله عليه وسلم “أنتم أعلم بشؤون دنياكم” وهذا مما يفتح الباب واسعا أمام العقل ليستنبط من أنواع العلوم مالاحصر له، ومنها ما يتعلق بشئون السياسة والاقتصاد والاجتماع وغيرها، مما لم يرد فيه نص، وإن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم جعل أسرى غزوة بدر يفتدون أنفسهم بتعليم عشره من المسلمين القراءة والكتابة، وكما أن السيدة حفصة رضى الله عنها في بيت النبوة.

تعلمت القراءة والكتابة علي يد صحابية هي السيدة الشفاء بنت عبد الله وقد شجعها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم على التعلم، وإن القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة بيّنا منزلة العلم الرفيعة، ومقامه العالى، كما دعا القرآن والسنة النبوية المشرفة إلى الأخذ به، والحث عليه، ومعرفة أسباب تحصيله وجمعه، والتي تتمثل أسباب ثلاثة تمكن الإنسان من العلم الصحيح والمعرفة النافعة، وهى القراءة والنظر والتفكر في ملكوت السموات والأرض، والسير في الأرض، وإن دراسة العلوم الدنيوية وهى الكونية و الإنسانية، مثل علوم الطبيعة، والكيمياء، والفلك، والأحياء والنبات، والنفس والاجتماع، والتاريخ العام، لا تقل في أهميتها عن دراسة العلوم الشرعية، وقد أمرنا الله جلت قدرته ووسع علمه بتعلم العلم قبل العمل، فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock