دين ودنيا

الدكروري يكتب عن لسان الصدق

الدكروري يكتب عن لسان الصدق
بقلم / محمـــد الدكـــروري

نعيش في هذه الأيام ولله الحمد في خير ورخاء وأمن وأمان، والناس من حولنا تتخطف، فمن قدم لنفسه وقت السعة، نفعه ذلك يوم الضيق، وإن لنا إخوانا من حولنا يرتعشون من البرد، والمطر يخر عليهم من فوقهم، والجوع يلوي بطونهم فتلمس من حولك وتفقد جيرانك وأقاربك، فكن من المرابحين ولو بالقليل، فإن لم تجد فتاجر مع الله بالدعاء لهم، فقد طال ليلهم في البلاء، فاسألوا الله لهم فجرا ساطعا بالعافية قريبا، فلرب دعوة من رجل صالح تخرق الحجب، وتأتي بالفرج لفئام من الناس، فكل الناس يغدو ويروح ليتاجر في هذه الدنيا، والكل يبحث عن الربح العالي، الكل يبحث عن الغنى الفاحش، الكل يلهث وراء الدنيا، إلا من رحم الله وقليل ما هم، ولكن عندما نبحث عن المتاجرين مع الله، الباحثين عن الربح الوفير مع الله، نجدهم قليلا، بل أقل من القليل.

مع أن الفرق بين التجارتين كما بين السماء والأرض، ألم تروا لهذه الأمطار التي أنزلها الله علينا، كم فيها من النعم والخيرات، يصب الخير علينا صبّا، إن التجارة مع الله لا تحتاج لدراسة جدوى، ولا رأس مال، فقط قم بما تستطيع من العمل، وقدم لآخرتك، فالله لا يكلف نفسا إلا وسعها، وكل الأعمال التي كلفنا بها نستطيع عملها بلا منّة ولا كلفة، فالفقير يتاجر مع الله، والغني يتاجر مع الله، والمريض يتاجر مع الله، الكل بلا استثناء يتاجر مع الله، فقط استحضر النية، وتاجر مع الله، وسأضرب لكم أمثلة على الربح مع الله، وأما لسان الصدق الذي جاء في دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام فهو الثناء الحسن عليه من سائر الأمم صدقا لا كذبا، وقد استجاب الله تعالى له فيه، فصار الناس يثنون على نبى الله إبراهيم عليه السلام بعد موته بآلاف السنين.

يثنون عليه ويذكرون سيرته ويتأسّون به، أما قدم الصدق الذى وعد الله به المؤمنين فقد فُسّر بالجنة، وحقيقة القدم ما قدموه في الدنيا من الأعمال والإيمان، وما يقدمون عليه في الآخرة وهي الجنة التي هي جزاؤهم، وهو مقعد الصدق، وهي الجنة عند الله عز وجل، وإن النبى الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، كان من صفاته الصادق الأمين وساعده ذلك في دعوته لما قام يدعو الكفار، كما جاء في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال “لما نزلت آية ” وانذر عشيرك الأقربين ” من سورة الشعراء، صعد النبي صلى الله عليه وسلم، على الصفا فجعل ينادى، يا بني فلان، يا بني عدي، ينادي لبطون قريش حتى اجتمعوا، فجعل الرجل إذا لم يستطع أن يخرج أرسل رسولا لينظر ما الأمر؟ فجاء أبو لهب وقريش، فقال النبي صلى الله عليه وسلم.

“أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا في الوادي تريد أن تغير عليكم أكنتم مصدقي؟ قالوا نعم ما جربنا عليك إلا صدقا، ما جربنا عليك كذبا أبدا” فقال صلى الله عليه وسلم ” فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد فقال أبو لهب تبا لك سائر اليوم ألهذا جمعتنا؟ فنزلت الآية الكريمة ” تبت يدا أبى لهب وتب، ما أغنى عنه ماله ما كسب، سيصلى نارا ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب، فى جيدها حبل من مسد ” رواه احمد، وكان من الأشياء التي استدلت بها السيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، على صدق النبي صلى الله عليه وسلم، في بعثته، وأن الله لم يتخلّ عنه أنه بعدما جاءه الملك فى غار حراء وقال له اقرأ فرجع خائفا مضطربا، فقالت له السيدة خديجة رضى الله عنه لما قال لها لقد خشيت على نفسي قالت “كلا، فو الله لا يخزيك الله أبدا، والله إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق” رواه البخاري ومسلم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock