بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن من علامات الساعة الصغري هو خروج نار من الحجاز والدليل عليها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “لا تقوم الساعة حتي تخرج نار من أرض الحجاز تضيئ أعناق الإبل ببصري” وأيضا من العلامات هو ظهور مدّعي النبوة، وقد أخبر النبي صلي الله عليه وسلم أن الساعة لا تقوم إلا بظهور الكذابين الذين يدّعون النبوة، فقال صلي الله عليه وسلم ” لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين، وحتى تعبد الأوثان، وإنه سيكون في أمتي ثلاثون كذابا، كلهم يزعم أنه نبي، وأنا خاتم النبيين لا نبيَّ بعدي” وقد ظهر عدد منهم في أواخر حياة النبي صلي الله عليه وسلم، منهم مسيلمة الكذاب في منطقة اليمامة، والأسود العنسي في اليمن.
وسجاح من قبيلة بني تميم، وادّعى البعض النبوة بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم، فظهر بعضهم في عهد ابن الزبير، وأيضا من العلامات هو فتح بيت المقدس وذلك لما ثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم أنه قال ” اعدد ستا بين يدي الساعة، موتي ثم فتح بيت المقدس” وفتح بيت المقدس في خلافة عمر بن الخطاب وفي زمن صلاح الدين الأيوبي، وكما أن من العلامات هو فيض المال وكثرته وقد ثبت ذلك في الأحاديث الصحيحة عن النبي صلي الله عليه وسلم منها قوله ” لا تقوم الساعة حتي يكثر فيكم المال، فيفيض حتي يهم رب المال من يقبل صدقته، وحتي يعرضه فيقول الذي يعرضه عليه لا أرب لي” وإن المجتمع الذي يشيع فيها الظلم، وإعتداء الناس بعضهم على بعض، من أكل أموال الناس بالباطل.
والنيل من الأعراض، والحسد والتباغض، والفرقة والإختلاف، وركون إلى الدنيا، فتكون العقوبة الإلهية هنا علاجا لتلك الأمراض، وسببا لتزكية النفوس، كما يكون لها أثر كبير في حث الناس على العمل الصالح والمبادرة لفعل الخيرات وترك المنكرات، وإذا عرف الإنسان هذه السنة الإلهية في المجتمعات، وأيقن بتحققها فلا شك أن ذلك سيمنعه من التهاون في حقوق الخلق، والحذر من ظلمهم في دم أو مال أو عرض، سيضفي الأمن والأمان على مثل هذه المجتمعات، لأن أهلها يخافون عقاب الله من أن ينزل عليهم، فلا تحاكم إلا لشرع الله، ولا تعامل إلا بأخلاق الإسلام الفاضلة، فلا خيانة ولا غش ولا ظلم، إذن أنه لا شيء يمنع النفس من ظلم غيرها في نفس أو مال أو عرض إلا من العقوبة الإلهية.
وإعطاء كل ذي حق حقه، وإنصاف المظلوم ممن ظلمه، والحذر من الدنيا والركون إليها، فإن الاعتبار من أعظمِ صفات المؤمنين، وأخص مزايا المتقين، وأهل الاعتبار هم أصحاب النظر الثاقب والقلبِ الخاشع، حيث يقول الحق سبحانه ” إن في ذلك لعبرة لمن يخشي” ويقول سبحانه وتعالي ” إن في ذلك لذكري لمن كان له قلب أو ألقي السمع وهو شهيد” والمتأمل في القرآن الكريم يجد أن الحق سبحانه قد حث على إعمال العقول بالاعتبارِ والتدبرِ والتأمل، وأولى ذلك عناية خاصة بل جعله من أجل العبادات، وأفضل الطاعات حيث يقول سبحانه آمرا بالنظر والاعتبار ” فاعتبروا يا أولي الأبصار” ويقول سبحانه ” فاعتبروا يا أولي الأبصار” ويقول سبحانه ” قل انظروا ماذا في السموات والأرض”
ويقول سبحانه وتعالى ” أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها” ومما دعانا القرآن الكريم إلى الاعتبار به هو تعاقب الليل والنهار، واختلاف أحواله، وتقلب أجوائه، ففي ذلك عظة لأصحاب البصائر النافذة، وعبرة لأهل العقول الواعية، حيث يقول سبحانه ” يقلب الله الليل والنهار إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار” ويقول سبحانه وتعالي ” وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا” ويقول تعالى في الحديث القدسي ” بيدي الأمر، أقلب الليل والنهار” والمراد بقوله تعالى “خلفة” أي أن كلا من الليل والنهار يخلف الآخر في نظام إلهي لا يتبدل ولا يتخلف، فمن الذي يضبط حركة كل منهما؟ إنه الله ولا أحد سواه.
زر الذهاب إلى الأعلى