بقلم / محموددرويش
هذا الكتاب البديع لفت نظري إلى فكرة غاية في الأهمية ، لا تختص فقط بثقافة الطعام وإنتاجه ، بل أيضًا بحياتنا العصرية بشكل عام
أثناء بحثي في أدبيات القهوة إقترح ذهني عليّ أن لربما يكون للبرازيل نصيب الأسد من تلك الأدبيات كونها أكبر مُنتج للقهوة ، لكن ما لاحظته لَدى بحثي والذي يؤكد عليه هذا الكتاب أن القهوة لا تمُثل مصدر إلهام في البرازيل ، والأعمال التي تأثرت بثقافتها وشاعريتها تكاد تكون نادرة ، على عكس كولومبيا التي تنتج أفضل أنواع البُن عالميًا ، ففيها تُمثل القهوة وثقافتها مَنبع رئيسي للإلهام ، وتأثير كبير إمتد لمساحات الأدب والشعر والسينما والفنون ، ويرجع هذا الأمر إلى مُلاحظة غاية في الأهمية ، وهي أن زراعة البُن في البرازيل تمت في بيئة إستعمارية رأسمالية حملت الكثير مِن المآسي والوحشية ، مَثلت القهوة في البرازيل ذكرى قهر يهرب منه البرازيليون ، فيما تسربت زراعة البُن إلى كولومبيا عبر ثقافة الإقطاعيات الصغيرة والتعاونيات الاجتماعية، حيث يزرع المُزارعون ويتعاونون فيما بينهم ليحصلوا على جهدهم في النهاية.
أليس هذا ما تفعله الرأسمالية بنا، تجعلنا نبغض ما نعمل له ليل نهار ، ننفصل عن منجزنا البشري ونهرب منه ولا نريد تذكره على عكس ما هو مُفترض أن يَحدث ، لأنها جعلت أعمالنا وإنجازاتنا أداة قهر وضياع للحقوق وتفريط في الوقت والإبداع والجُهد بأبخس الأثمان؟!
