وقفه مع موقف الشرع من زكاة الزروع ” جزء 2″

بقلم / محمـــد الدكـــرورى
ونكمل الجزء الثانى مع موقف الشرع من زكاة الزروع، وقد قال الله تعالى فى القرآن الكريم فى سورة آل عمران ” ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو فى الآخرة من الخاسرين ” وهى تقتضي أيضا أن يأخذ الإنسان من تعاليم النبي الكريم محم صلى الله عليه وسلم، ما أمر به أن يؤخذ ويمتنع عمّا نهى عنه، ومن الملاحظ أنه في كون الشهادتين ركنا واحدا إشارة واضحة إلى أن العبادة لا تتم إلا في أمرين هما، إخلاص العبادة لله وحده واتباع منهج الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، في هذه العبادة وعدم الخروج عما سنه الرسول صلى الله عليه وسلم، للأمة، ونجد الركن الثالث هو ” وإيتاء الزكاة” وهو عبادة مالية فرضها الله تعالى على عباده.
وهى طهرة لنفوسهم من البخل، ولصحائفهم من الخطايا، وقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز فى سورة التوبة فقال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم “خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها” وقد فرض الله تعالى على المسلمين زكاتين، زكاة الفطر وهي التي تؤدى بعد شهر رمضان، وزكاة المال في أجناس مخصوصة، وتدفع الزكاة في مصارفها الثمانية للفقراء والمساكين، ويسقط هذا الفرض عن الناس المعدمين الذين لايملكون شيئا، ولكن ما هو نصاب الزكاة في المحاصيل الزراعية، وهل هناك فرق بين الزراعة المطرية والزراعة بالماكنات، وما المقدار الذي يخرج من التمر، وهذه الحبوب؟ فيجيب عن هذا السؤال الشيخ بن باز رحمه الله ويقول.
إن الرسول صلى الله عليه وسلم، أوضح النصاب في هذه الحبوب والثمار وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، فالنصاب ثلاثمائة صاع، بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، من التمر والعنب والحبوب كالذرة والشعير والأرز ونحو ذلك، والصاع هو أربع حفنات، وصاع النبي صلى الله عليه وسلم، هو أربع حفنات باليدين المعتدلتين المملوءتين، وكل تسمى حفنة مد، وهذا هو مقدار الصاع، وبالوزن أربعمائة وثمانين مثقالا، والمد مائة وعشرون مثقالا، بالحب المتوسط الذي ليس بالثقيل جدا ولا الخفيف، فالحاصل أن النصاب خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا، فيكون النصاب حينئذ ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وهو أربع حفنات باليدين المتوسطتين المعتدلتين المملوءتين.
ولا عبرة بالأيدي الكبيرة جدا، ولا عبرة بالأيدي الصغيرة، ولكن بيد الرجل المعتدل الخلقة المملوءة، فما ملأ يديه فهو مد، وإذا كان أربع فهو صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كانت الحبوب تسقى بالمطر والأنهار، ففيها العشر من كل ألف، تخرج مائة، يعني من كل ألف تكون الزكاة مائة، ومن كل ألف صاع تخرج مائة صاع، وهكذا، وإن كانت تسقى الزروع بالمكائن، أو بالسواقي من الإبل وغيرها، فالواجب النصف، وهو نصف العشر، يعني تخرج خمسين في الألف، ولكن هناك سؤال وهو هل على الفواكه والخضروات زكاة، وما مقدارها ومتى تخرج؟ فقال الإمام بن باز رحمه الله، ليس عليها زكاة فالفواكه والخضروات ليس فيها زكاة، لأن الزكاة في الحبوب والثمار.
وهى الحبوب والثمار المكيلة المدخرة، ولكن ما معنى بلوغ النصاب في الزكاة؟ وهل الزكاة غير الإنفاق، لأن الإنفاق تكرر كثيرا في الجزء الثالث من سورة البقرة؟ فيجيب أيضا الشيخ بن باز رحمه الله بأن النصاب غير الإنفاق، فالإنفاق هو أن ينفق الانسان مما أعطاه الله من المال غير الزكاة، وأما الزكاة فشيء قد فرضه الله تعالى لأصناف معينين ثمانية وقد ذكرهم الله تعالى في كتابه الكريم فى سورة التوبة فقال تعالى ” إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها ” والزكاة تختلف في النقود وهى ربع العشر، يعني سهم من أربعين هذا في النقود، وأما فى الذهب والفضة وعروض التجارة فهى سهم من أربعين وهى ربع العشر.
وفي الحبوب والثمار إن كانت بمئونة بالمكائن وأشباهها نصف العشر، وهذا يعني سهم من عشرين، وإن كانت بالأمطار أى بمعنى سقي الزروع يكون بالأمطار والأنهار فهذا العشر كاملا، بمعنى واحد من عشرة فيه كله، وعشرة واحد يعني عشرة أوسق فيها العشر.