دين ودنيا

وقفه مع ذى القرنين وبناء الأوطان “جزء 3”

بقلم / محمـــد الدكـــرورى

عزيزى القارئ ونكمل الجزء الثالث مع ذى القرنين وبناء الأوطان، فإن قوله تعالى “ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكرا” قال ابن إسحاق وكان من خبر ذي القرنين أنه أوتي ما لم يؤت غيره، فمدت له الأسباب حتى انتهى من البلاد إلى مشارق الأرض ومغاربها، لا يطأ أرضا إلا سلط على أهلها، حتى انتهى من المشرق والمغرب إلى ما ليس وراءه شيء من الخلق، وقال ابن إسحاق حدثني من يسوق الأحاديث عن الأعاجم فيما توارثوا من علم ذي القرنين أن ذا القرنين كان من أهل مصر اسمه مرزبان بن مردبة اليوناني من ولد يونان بن يافث بن نوح، وقال ابن هشام واسمه الإسكندر وهو الذي بنى الإسكندرية فنسبت إليه.

وقال ابن إسحاق وقد حدثني ثور بن يزيد عن خالد بن معدان الكلاعي وكان خالد رجلا قد أدرك الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذي القرنين فقال “ملك مسح الأرض من تحتها بالأسباب” وقال خالد وسمع عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه رجلا يقول يا ذا القرنين ، فقال “اللهم غفرا أما رضيتم أن تسموا بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة” وقال ابن إسحاق فالله أعلم أي ذلك كان ؟ أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أم لا ؟ والحق ما قال، وقد روي عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه مثل قول عمر بن الخطاب، سمع رجلا يدعو آخر يا ذا القرنين ، فقال علي “أما كفاكم أن تسميتم بأسماء الأنبياء حتى تسميتم بأسماء الملائكة”

وعنه أنه عبد ملك بكسر اللام، صالح نصح الله فأيده، وقيل هو نبي مبعوث فتح الله تعالى على يديه الأرض، وذكر الدارقطني في كتاب الأخبار أن ملكا يقال له رباقيل كان ينزل على ذي القرنين وذلك الملك هو الذي يطوي الأرض يوم القيامة، وينقضها فتقع أقدام الخلائق كلهم بالساهرة، فيما ذكر بعض أهل العلم، وقال السهيلي وهذا مشاكل بتوكيله بذي القرنين الذي قطع الأرض مشارقها ومغاربها كما أن قصة خالد بن سنان في تسخير النار له مشاكلة بحال الملك الموكل بها، وهو مالك عليه السلام وعلى جميع الملائكة أجمعين، وقيل أنه وكل به من الملائكة مالك خازن النار، وكان من أعلام نبوته أن نارا يقال لها نار الحدثان، كانت تخرج على الناس من مغارة.

فتأكل الناس ولا يستطيعون ردها، فردها خالد بن سنان فلم تخرج بعد، واختلف في اسم ذي القرنين وفي السبب الذي سمي به بذلك اختلافا كثيرا، فأما اسمه فقيل هو الإسكندر الملك اليوناني المقدوني، وقد تشدد قافه فيقال المقدوني، وقيل اسمه هرمس، ويقال اسمه هرديس، وقال ابن هشام هو الصعب بن ذي يزن الحميري من ولد وائل بن حمير، وقد ذكر الطبري حديثا عن النبي عليه الصلاة والسلام أن ذا القرنين شاب من الروم وهو حديث واهي السند، والظاهر من علم الأخبار أنهما اثنان أحدهما كان على عهد إبراهيم عليه السلام، ويقال إنه الذي قضى لإبراهيم عليه السلام حين تحاكموا إليه في بئر السبع بالشام والآخر أنه كان قريبا من عهد عيسى عليه السلام.

وقيل إنه أفريدون الذي قتل بيوراسب بن أرونداسب الملك الطاغي على عهد نبى الله إبراهيم عليه السلام، أو قبله بزمان، وأما الاختلاف في السبب الذي سمي به، فقيل إنه كان ذا ضفيرتين من شعر فسمي بهما ذكره الثعلبي وغيره، والضفائر قرون الرأس، وقيل إنه رأى في أول ملكه كأنه قابض على قرني الشمس فقص ذلك، ففسر أنه سيغلب ما ذرت عليه الشمس فسمي بذلك ذا القرنين، وقيل إنما سمي بذلك لأنه بلغ المغرب والمشرق فكأنه حاز قرني الدنيا وقالت طائفة إنه لما بلغ مطلع الشمس كشف بالرؤية قرونها فسمي بذلك ذا القرنين، أو قرني الشيطان بها وقال وهب بن منبه كان له قرنان تحت عمامته.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock