أخبار مصر

د.محمد حجازي يكتب إشكالية التنظير السياسي بين التعالي المعرفي والتواضع المعرفي في عالمنا العربي

د. محمد حجازي يكتب إشكالية التنظير السياسي بين التعالي المعرفي والتواضع المعرفي في عالمنا العربي :

أتابع منذ فترة، ببعض من المتعة المشوبة بالأسى، كتابات مثقفينا عن السياسة والثورة والتغيير. ذاك أن في متابعتهم ما يشبه مشاهدة مسرحية كوميدية ، الممثلون يأخذون أدوارهم بجدية بالغة، فيما يدرك المشاهدون أنهم يشهدون عرضا هزليا من غير قصد.

وقد لفت انتباهي، وجود العديد من المغالطات في التنظير من جانبهم للسياسة و للثورة والطبقة العاملة والانتماء والهوية الوطنية وغيرها من القضايا المعقدة .

بدا لي حديث أحدهم عن الثورات كما لو أنه يشرح وصفة طعام علي قناة تليفزيونية واسعة الانتشار ، شيء من البروليتاريا، وقليل من النخبة، مع رشة من الأيديولوجيا. وكأن الثورات، في تاريخ البشرية كله، لم تكن سوى خلطة بسيطة من مكونات محددة.

والشاهد أن الثورات تشبه النسيج المعقد الذي تتداخل فيه خيوط كثيرة ، عمال وفلاحون ومثقفون وطلبة وطبقة وسطى محبطة. ولعل التجربة البلشفية في روسيا نفسها خير مثال على هذا التعقيد، إذ جمعت بين المثقفين الثوريين والعمال والفلاحين في مزيج متفجر غير وجه روسيا والعالم أجمع .

ان الثورة البلشفية أو ثورة أكتوبر كانت المرحلة الثانية من الثورة الروسية عام ١٩١٧ . قادها البلاشفة تحت إمرة فلاديمير لينين وقائد الجيش الأحمر ليون تروتسكي وكامل الحزب البلشفي والجماهير العمالية بناء على أفكار كارل ماركس وإسهامات فلاديمير لينين؛ لإقامة دولة اشتراكية

د.محمد حجازي
Oplus_131072

وما يثير الاستغراب حقا وصفهم للشعارات الثورية بـ ( المراهقات والطفوليات ) . ذاك أن هذا التوصيف نفسه يكشف عن نظرة متعالية وسطحية لديناميكيات الثورات. فالشعارات الثورية، في واقع الأمر، ليست مجرد هتافات عابرة أو نزوات شبابية، بل هي تعبير عن تطلعات جماعية وآمال مكبوتة وغضب متراكم.

 والحال أن وصف هذه التعبيرات بالمراهقة والطفولية يشبه من يصف المريض بأنه يتصنع الألم لمجرد أنه يصرخ من وجعه.

 والحال أن الثورات المعاصرة قد تنطلق من قضايا ثقافية أو حقوقية، وقد تجمع بين مطالب اقتصادية وسياسية واجتماعية في آن معا .

الثورة ليست مجرد وسيلة لتغيير الانظمة بل هي مشروع حضاري شامل يسعى لإعادة بناء الانسان وبناء الدولة .

يؤسفني أيضا ان اقول إن

في الوطن العربي …

مايطلق عليهم بالمفكرين والمحللين السياسيين هم اصحاب فكر سطحي لا يملكون فهم للواقع وليس لديهم بعد فكري .. فكرهم وتحليلهم يقتصر على مصلحة الكرسي وخدمته وليس على مصلحة الوطن وخدمته . لذلك لا تستغرب كل هذه الفوضى التي يعاني منها الوطن العربي وكل هذا التخلف ..

هم ينظرون إلي السياسة علي انها فن خداع الآخر ..وبذلك ينحرفون بالسياسة عن مسارها الصحيح ، وهو أن السياسة هي

السياسة … هي فن إستخدام العقل في انشاء مجتمع مترابط ووطن مستقر ..

الحال أن السياسة اليوم تختلف عن السياسة سابقاً .. السياسة اليوم سياسة بقاء مصالح وكراسي .. بينما كانت السياسة سابقا سياسة بقاء اوطان وشعوب .. لذلك تجد اغلب مرتادين الشارع السياسي اليوم يبحثون عن ترضيات اصحاب المصالح والكراسي ولا يهمهم الاوطان ولا الشعوب ..

إن محاولات التنظير من مثقفينا قد قدمت لنا درساً مهما مفاده أن التعالي الفكري، حين يقترن بالجهل، ينتج مهزلة فكرية تستحق المشاهدة. ولعل هذا ما يجعلني أتابع هذا النوع من الكتابات باستمتاع ، ذاك أنها تذكرنا دائما بأن التواضع المعرفي هو أوّل درجات الحكمة.

للأسف بعد ان كان مرض التعالي المعرفي والفكري فقط عند من يسمون بالمثقفين ، انتقلت هذه العدوى الى الكثيرين من رواد التواصل الاجتماعي …وهذا ما يزيد الطين بلة .

مع اطيب تحياتي

ا . د / محمد حجازى

استاذ العلوم السياسية بجامعة سلمان الدولية

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock