مقالات

محمد الدكرورى يكتب الصديق الحق والكبريت الأحمر

محمد الدكرورى يكتب الصديق الحق والكبريت الأحمر

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، وصلى الله وسلم على عبد الله ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه وأتباعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد إن الصداقة هي التركيز على الايجابية في بنائها لأنها صلة إبقائية وليست إفنائية فهي علاقة لتدوم لا لتزول لأن هذا هو لبها، فعندما نراها بعين الإيجابية في الإيجابية نكون قد أبقيناها ولكننا حين نراها بعين الإيجابية في السلبية نكون قد هدمناها في مهدها، كما لو أننا رأيناها بعين السلبية في السلبية أو بعين السلبية في الإيجابية، وإن إيجابية الصداقة تنتظم أشياء كثيرة من أحوال المصادق والمصادق فيكون بها بناء الإبقاء، فكل تصرف مهما كان، إما أن يكون مبقيا أو مفنيا، فمتى أدرك الصديقان هذا الشيء في صداقتهما أدركا سر بنائها و بقائها.

محمد الدكرورى
محمد الدكرورى

لذلك فلا يتم تحقق بنائها إلا باعتبارها صداقة أرواح لا صداقة أشباح ، فصداقة الأرواح ترابط روحي باطني قلبي، فيكون التواصل من خلال البواطن وتخاطر الأرواح حتى لو كانا بعيدين جسدا أو خبرا، وهذه أساس الصادقات وجوهرة العلاقات، لأن البقاء للأرواح بعد فناء الأجساد، فالأرواح حقائق الأجساد، ولولاها ما كن الأجساد، وإن صداقة الأرواح تعني أن الصدق في الصداقة يكون ذاتيا نابعا من الصديق نحو صديقه فلا يستخرجه طلب ولا بغث، ولا يستحرثه سؤال أو بحث بل تكون الأرواح قائمة مقام الاتحاد والإندماج والإمتزاج و هذه أندر وجودا بين الأصدقاء، وصداقة الأشباح والأجساد لا تبقى ولا يضمن دوامها لأنها تكمن في التواصل الجسدي من خلال حواسه.

والحواس لا يضمن صدق تعبيرها عن الباطن وربما تكون صداقة الأشباح ردما لصداقة الأرواح، وكما أن الصداقة ذاتية قبل أن تكون غيرية، فصديق يعتبر صديقه ليس كذاته ليس صديقا وعلى هذا قامت قوائم الصداقة عند العقلاء النبلاء، فقبيح في صديق يرى نفسه على صديقه وقبيح في صديق أن يكون في منأى عن صديقه وقبيح في صديق أن يكون أناني الحال، لأن جوهر الصداقة أن تكون لصديقك كما تحب أن يكون لك، فإن لم تكونا كذلك فليس شيئا يحفل به في الصداقة، وإن الصداقة الصادقة ذات وظائف و ضرائب، فلا يلجها إلا من كان صادقا صدوقا، فإن صديقا لا يعتبر صديقه كذاته ليس صديقا، وإن صديقا لا يكون مع صديقه في ضرائه أكثر منه في سرائه ليس صديقا وإن صديقا لا يكون مع صديقا وفيّ القول والفعل ليس صديقا.

وإن صديقا لا يكون حيث أراده صديقه فليس صديقا، وإن صديقا لا يكون لصديقه أشد من ظله ليس صديقا وإن صديقا لا يكون لصديقه كافيا فليس صديقا وإن صديقا لا يكون لصديقه الناس ليس صديقا وإن صديقا لا يكون مع صديقه صورة الكمال الإنساني ليس صديقا وإن صديقا لا يكون صديقا لصديقه فليس صديقا، وإن الصديق الحق إن كان فليس إلا أندر من كبريت أحمر، ومن لقيه فيكن ممسكا به فلن ينجب الزمان يوما صديقا آخر، فالصديق الوفي يتيم وليس له بديل، ولا مثله مثيل والباقي زيف و حيف، وكلاهما كمرور طيف.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock