مقالات

محمد الدكرورى يكتب حقيقة الدين ومفتاح دعوة المرسلين

محمد الدكرورى يكتب حقيقة الدين ومفتاح دعوة المرسلين

اليوم : الاثنين الموافق 26 أغسطس 2024

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وإمتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا، ثم أما بعد، إن من المواطن التي ينبغي أن يتحلى العبد فيها بالقوة أكثر من غيرها هو عند استحواذ الغضب عليه، حيث أن مجاهدة النفس أشد من مجاهدة العدو لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الذي يملك نفسه عند الغضب أعظم الناس قوة، وإذا ملك نفسه عند حصوله كان قد قهر أقوى أعدائه، وقد كانت وصية النبي صلى الله عليه وسلم الجامعة في النهي عن الغضب، ويقول الإمام ابن حجر قال بعض العلماء خلق الله الغضب من النار، وجعله غريزة في الإنسان، فمهما قصد أو نوزع في غرض ما اشتعلت نار الغضب.

محمد الدكروري

وثارت حتى يحمر الوجه والعينان من الدم لأن البشرة تحكي لون ما وراءها وهذا إذا غضب على من دونه واستشعر القدرة عليه، وإن كان ممن فوقه تولد منه إنقباض الدم من ظاهر الجلد إلى جوف القلب، فيصفر اللون حزنا وإن كان على النظير تردد الدم بين إنقباض وإنبساط فيحمر ويصفر، ويترتب على الغضب تغير الظاهر والباطن كتغير اللون والرعدة في الأطراف، وخروج الأفعال عن غير ترتيب وإستحالة الخلقة حتى لو رأى الغضبان نفسه في حال غضبه لكان غضبه حياء من قبح صورته، وإستحالة خلقته هذا كله في الظاهر، وأما الباطن فقبحه أشد من الظاهر لأنه يولد الحقد في القلب والحسد، وإضمار السوء على إختلاف أنواعه بل أولى شيء يقبح منه باطنه وتغير ظاهره ثمرة تغير باطنه وهذا كله أثره في الجسد، وأما أثره في اللسان.

فانطلاقه بالشتم والفحش الذي يستحي منه العاقل، ويندم قائله عند سكون الغضب، ويظهر أثر الغضب أيضا في الفعل بالضرب أو القتل، وإن فات ذلك بهرب المغضوب عليه رجع إلى نفسه فيمزق ثوب نفسه، ويلطم خده، وربما سقط صريعا وربما أغمي عليه وربما كسر الآنية، وضرب من ليس له في ذلك جريمة ومن تأمل هذه المفاسد عرف مقدار ما اشتملت عليه هذه الكلمة اللطيفة من قوله صلى الله عليه وسلم “لا تغضب من الحكمة وإستجلاب المصلحة في درء المفسدة مما يتعذر إحصاؤه والوقوف على نهايته وهذا كله في الغضب الدنيوي لا الغضب الديني” واعلموا يرحمكم الله إن الإخلاص هو حقيقة الدين ومفتاح دعوة المرسلين، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” قال تعالى أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملا أشرك معي فيه غيري تركته وشركه” رواه مسلم.

وقال صلى الله عليه وسلم “من تعلم علما مما يبتغى به وجه الله عز وجل لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضا من الدنيا لم يجد عرف الجنة يعني ريحها يوم القيامة” رواه أبو دواد، وقد يقول قائل ماهو الإخلاص الذي يأتي في الكتاب والسنة وفي إستعمال السلف الصالح رحمهم الله تعالي، فأقول لقد تنوعت تعاريف العلماء للإخلاص ولكنها تصب في معين واحد ألا وهو أن يكون قصد الإنسان في سكناته وحركاته وعباداته الظاهرة والباطنة خالصة لوجه الله تعالى لا يريد بها شيئا من حطام الدنيا أو ثناء الناس، وقال الفضل بن زياد سألت أبا عبد الله، وهو يعني الإمام أحمد بن حنبل، سألته عن النية في العمل، قلت كيف النية، قال يعالج نفسه إذا أراد عملا لا يريد به الناس لأنه لا يريد به إلا وجه الله تبارك تعالى.

اظهر المزيد

شبكه أخبار مصر

فاطمة الشوا رئيس مجلس إدارة جريدة شبكة أخبار مصر وصاحبة الإمتياز

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

برجاء دعمنا عن طريق تعطيل إضافة Adblock