الدكروري يكتب عن عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الخميس الموافق 2 مايو 2024
الحمد لله الذي أحاط بكل شيء علما وأحصى كل شيء عددا، له ما في السماوات وما في الأرض ومابينهما وما تحت الثرى أحمده سبحانه وأشكره وأتوب إليه واستغفره، نعمه لاتحصى وآلاؤه ليس لها منتهى وأشهد أن لا إله الا الله وحده لا شريك له وأشهد ان محمدا عبده ورسوله، هو أخشى الناس لربه وأتقى، دلّ على سبيل الهدى وحذر من طريق الردى صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه معالم الهدى ومصابيح الدجى، والتابعين ومن تبعهم بإحسان وسار على نهجهم واقتفى، ثم أما بعد لقد كان جبر الخواطر من الأدعية الملازمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو فقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين “اللهم اغفر لي وارحمني، واهدني واجبرني وارزقني” وكان أحد السلف الصالح يقول.
“إذا رأيت أحدهم منطفئا حدثه كثيرا عن مزاياه، حدثه عن طيبة قلبه، وحدثه حتى يعود ويضيء، فإن جبر الخواطر لله” افعلها كما قال الرجل لله، فقد تحتاج يوما لمن يخفف عنك، فيبعث الله لك من حيث لا تدري من يحاورك، ويسمعك، ويسعى جاهدا لأن يرفع من معنوياتك، فهكذا الدنيا تعطي لمن يعطي وتبخل عمن يبخل، فإياك أن تتردد ولو لحظة واحدة في أن تذهب لأي شخص يسير في الشارع، وإن كنت لا تعرفه، طالما شعرت بأنه بحاجة لمساعدة ما، فساعده ولو بكلمة، فتخيل أنك حينها كمن منحه نبع الحياة، كأنه أعاد له روحه، ستساعده على أن يتجاوز أحزانه، ولو كانت مثل زبد البحر، فكيف لو علمت فضل هذا الفعل عليك، ومردوده عليك يوما ما، مؤكد لن تتردد لحظة في الأخذ بيد غيرك، فما أحسن أن نقصد الشراء من بائع متجول في حر الشمس.
يضطر للسير على قدميه باحثا عن رزقه مساعدة له وجبرا لخاطره، وما أروع أن نقبل اعتذار المخطئ بحقنا وخصوصا عندما نعلم أن خطئه غير مقصود، وفي هذا الزمان تشتد الحاجة إلى مواساة الناس، والتخفيف عنهم وتطييب خاطرهم لأن أصحاب القلوب المنكسرة كثيرون، نظرا لشدة الظلم الاجتماعي في هذا الزمان، وفساد ذمم الناس واختلاف نواياهم، وجبر الخاطر لا يحتاج سوى إلى كلمة من ذكر، أو دعاء، أو موعظة، وربما يحتاج الآخر لمساعدة وابتسامة، وجبر الخواطر خلق إسلامي عظيم يدل على سمو نفس وعظمة قلب وسلامة صدر ورجاحة عقل، فيجبر المسلم فيه نفوسا كسرت وقلوبا فطرت وأجساما أرهقت وأشخاص أرواح أحبابهم أزهقت، فما أجمل هذه العبادة وما أعظم أثرها، فيقول الإمام سفيان الثوري.
“ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم” فلا تيأس إذا تعثرت أقدامك، وسقطت في حفرة واسعة، فسوف تخرج منها وأنت أكثر تماسكا وقوة والله مع الصابرين، ولا تستخفن بأي شيء من جبر الخواطر مهما قل، من كلمة أو إشارة، فالقليل منك كثير، ولا تحزن إذا جاءك سهم قاتل من أقرب الناس إلى قلبك، فسوف تجد من ينزع السهم ويعيد لك الحياة و الابتسامة، ولا تقف كثيرا على الأطلال خاصة اذا كانت الخفافيش قد سكنتها والأشباح عرفت طريقها، وابحث عن صوت عصفور يتسلل وراء الأفق مع ضوء صباح جديد، فإذا أغلق الشتاء أبواب بيتك، وحاصرتك تلال الجليد من كل مكان، فانتظر قدوم الربيع وافتح نوافذك لنسمات الهواء النقي، وانظر بعيدا فسوف ترى أسراب الطيور وقد عادت تغني.
وسوف ترى الشمس وهي تلقي خيوطها الذهبية فوق أغصان الشجر، لتصنع لك عمرا جديدا وحلما جديدا وقلبا جديدا، وعندما يقترب منا إنسان ويُطلعنا على أسراره بكل طيبة قلب، فإن أقل ما يمكننا أن نقدمه له هو ألا نجعله يندم على ذلك، وربما تختلف أطباعنا، لكننا جميعا نريد الاهتمام، ومهما كَان، الإنسان قَوي يمر أحيانا بلحظات يشعر فيها بالضعف فيبحث عن الاحتواء، وأحيانا تسامح الناس لأنك ببساطة تريدهم أن يبقوا جزءا من حياتك، فاللهم اجبر خواطرنا بفرج قريب ومغفرة واسعة إنك سميع قريب.
زر الذهاب إلى الأعلى