قطاع التعليم في تونس يصرخ !!!
بقلم د. ليلى الهمامي
تتسارع الاحداث على الساحة السياسية والاجتماعية الوطنية هذه الايام في اتجاه سيء جدا. يؤسفني ان اصرّح بهذا، لكن من الضروري ان اشير شخصيا الى هذه الاحداث والوقائع التي تؤكد اننا في عمق الازمة.
وليّة التلميذ التي اقتحمت الفصل في مدرسة في القيروان وتهجمت على المدرّسة، وصالت وجالت بين صفوف التلاميذ، وعبثت بممتلكات الدولة وارعبت الجميع واعتدت على تلميذة،،، في انتهاك سافر للقانون ولكرامة المدرّسة والتلاميذ وحرمة المدرسة… مشهد صادم بقدر ما هو مؤلم ومؤسف.
قبل هذا الحدث بأيام قليلة متفقدة مادة العربية تنزل فيديو وهي تفضح استاذة داخل الفصل، الشيء الذي ارعب الاستاذة كما التلاميذ،،، ولم ينتبه احد الى ان ذلك الفيديو يمكن ان يحفّز بعض الاولياء الغاضبين من مستوى ابناءهم المتدني في الدراسة، فيدفعهم على اقتحام المدارس اقتداء بالمتفقدة واعادة نفس المشهد باكثر عنفية… كيف لا والمتفقدة تم تعيينها وزيرة على اثر نشرها الفيديو وتحديها للوزير.
قطاع التعليم عندنا مريض. هذه حقيقة لكن ثمة فرق نوعي بين ان يكون المرض في مستوى البرامج والمناهج والاساليب المعتمدة وبين ان يكون عامّا وشاملا لكل جزئيات الممارسة التربوية من بنية تحتية الى اطار تربوي الى تلميذ غير منضبط وغير معني بالعملية التربوية الى مناهج تحتاج المراجعة الى برامج نجدها احيانا متناقضة او مكررة او غير مجدية في علاقة بالتطور المعرفي والعلمي.
لكن كل معالجة وكل قول وكل حديث وكل نقد يحتاج الى توفير الشروط الاساسية وأن شرط الشروط ان تكون المدرسة فضاء للتعلّم اي فضاء علم ومعرفة.
العنف في الفضاء المدرسي وفي محيطه اصبح معضلة حقيقية. هذا يترجم ازمة القيم التي يعبرها مجتمعنا. اذا كانت المعرفة فاقدة لمنزلتها كقيمة القيم داخل المجتمع فعلينا ان نتوقع وان نترقب وان ننتظر كل الكوارث الممكنة في المدرسة وفي المجتمع.
اذا اسقطنا قدسية المدرسة وقدسية المعرفة اسقطنا بالضرورة احترام المجتمع لنفسه.
قبل الخوض في ملف الاصلاح التربوي وقبل بحث قضية المناهج والبرامج والظوارب والتعليم الخصوصي والتعليم العمومي ووضع التلميذ داخل المنظومة ومسالة التوجيه وما شابه، علينا ان نعيد الاحترام الى المؤسسة التربوية.
رسالتي اليوم هي في اعادة الاحترام الى المؤسسة التربوية. كل من هو غير جدير بالانتماء الى المؤسسة التربوية ضروري ان يفصل مهما كان موقعه داخلها مدرس او تلميذ او اداري او قيم او عامل او حارس مهما كانت خطته.
ضروري ان يكون ثمة ميثاق وطني ينظم الحياة داخل المؤسسة التربوية من اولى درجات التعلم الى اعلى درجات التعلم اي من الحاضنة وصولا الى الجامعة.
نحتاج لهذا الميثاق لايقاف النزيف. نحتاج لهذا الميثاق ليعلم كل فرد فاعل داخل اي مؤسسة تربوية، اي مكانة واي دور واي حق واي واجب عليه ان يلتزم به وعليه ان يتمسك به.
زر الذهاب إلى الأعلى